للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: المجتهدُ المقيّدُ في مذهبِ إمامٍ معيّنٍ (المخرِّج):

إذا كانَ المتمذهبُ بالغًا درجةَ الاجتهادِ المقيدِ في مذهبِه، قادرًا على تخريجِ أقوالٍ لإمامِه فيما لم يَرِدْ عنه فيها قولٌ، فهلْ يُعْتَدُّ بقولِه في الإجماعِ على المسائلِ الفقهيةِ، بحيث لا ينعقدُ الإجماعُ دونَ موافقتِه؟

يمكن تفصيلُ القولِ في ضوءِ الآتي:

- إنْ تحققَ للمتمذهب وصفُ الاجتهادِ الجزئي في الشريعةِ في بعضِ المسائلِ، فيُعتدُّ بقولِه فيهَا، ولا ينعقدُ الإجماعُ بدونه؛ ويكون ملحقًا بالمجتهدِ المطلقِ (١).

يقولُ ابنُ رشيق المالكي: "كلُّ مَنْ كان متمكنًا مِن النظرِ في الواقعةِ، إمَّا بمتقدمِ حفظِه لأدلتِها، وإمَّا باطلاعِه الآن على مآخذِها، وتصحيحِ الصحيحِ منها، وإبطالِ الباطلِ: فيُعتدُّ بقولِه، ولا ينعقدُ الإجماعُ دونَه" (٢).

- إنْ لم يتحققْ للمتمذهبِ وصفُ الاجتهادِ الجزئي في المسألةِ محلِّ النظرِ، فهلْ يُعتدُّ بقولِه في انعقادِ الإجماع على المسائلِ الفقهيةِ؟

بتأمّلِ هذه المسألةِ وأحوالِ أهلِ طبقةِ المخرجين، ظَهَرَ لي أنَّه يُعتدُّ بأربابها في انعقادِ الإجماع؛ وذلك لاجتماعِ شروطِ الاجتهادِ الرئيسة فيهم (٣)، ومِنْ أهمِّها: معرفةُ أصولِ الفقهِ.

ولأنَّ هناك من قال: إنَّ القولَ التي يتوصلُ إليه المخرِّج هو قولٌ مخرَّج لإمامِه المجتهدِ، فكأنَّ الإمامَ هو مَنْ أفصحَ بالقولِ في المسألةِ (٤).

يقول ابن حمدان: "ثمَّ إنَّ المستفتي فيما يفتيه - أي: المخرِّج - مقلِّدٌ لإمامِه، لا له.


(١) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩٦)، وصفة الفتوى (ص/ ١٨).
(٢) لباب المحصول (١/ ٣٩٩).
(٣) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩٤ - ٩٥).
(٤) انظر: المصدر السابق (ص/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>