للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالدراهم والدنانير وكالشجر في المساقاة والأرض في المزارعة (١).

قولهم: إنه ليس من أقسام الشركة ولا هو مضاربة.

قلنا: نعم لكنه يشبه المساقاة والمزارعة فإنه دفع لعين المال لمن يعمل عليها ببعض نمائها مع بقاء عينها.

ودفع عبد فعلى المنهاج ... أيضًا ودفع الغزل للنساج

أي: مثل ما تقدم إذا دفع عبده لمن يعمل عليه بجزء من أجرته أو دفع غزلًا لمن ينسجه بجزء منه (٢) ونحوه لما تقدم.


(١) وقد أشار إلى ذلك الأمام أحمد -رحمه الله- قال الموفق في المغني ٥/ ١١٨: وقد أشار أحمد إلى ما يدل على تشبيهه لمثل هذا بالمزارعة فقال: لا بأس بالثوب يدفع بالثلث والربع لحديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى خيبر على الشطر وهذا يدل على أنه قد صار في هذا ومثله إلى الجواز لشبهه بالمساقاة والمزارعة لا المضاربة ولا الإجارة ونقل أبو داود عن أحمد فيمن يعطي فرسه على النصف من الغنيمة: أرجو أن لا يكون به بأس، ونقل أحمد بن سعيد عن أحمد فيمن دفع عبده إلى رجل ليكسب عليه ويكون له ثلث ذلك أو ربعه فجائز.
(٢) منع ذلك الجمهور لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قفيز الطحان، وهو أن يستأجر من يطحن له حنطة بقفيز منها.
ورد ذلك ابن قدامة في المغني بأن هذا الحديث لا نعرفه ولا يثبت عندنا صحته وبالغ شيخ الإسلام في إنكار هذا الحديث فقال في الفتاوى ٣٠/ ١١٣: هذا الحديث باطل لا أصل له وليس هو في شيء من كتب الحديث المعتمدة ولا رواه إمام من الأئمة، والمدينة النبوية لم يكن بها طحان يطحن بالأجرة ولا خباز يخبز بالأجرة، وأيضًا فأهل المدينة لم يكن لهم مكيال على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمى القفيز، وإنما حدث هذا لما فتحت العراق وضرب عليهم الخراج، والعراق لم يفتح في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وعلى هذا فقد اختار -رحمه الله- الرواية التي انفرد بها أحمد في جواز الشركة على الدابة التي ذكرها الناظم وما بعدها من المسائل المشابهة لها. انظر الفتاوى ٣٠/ ١١٤، ١٢٤ والحق أن يقال إن هذا الحديث رواه الدارقطني وعنه البيهقي ٥/ ٣٣٩ عن أبي سعيد الخدري ولفظه: نهى عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان. ورواه عبد الحق في أحكامه من جهة الدارقطني مبنيًا للمعلوم بلفظ: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعقبه ابن القطان بأنه لم يجده في الدارقطني مبنيًا للمعلوم، وقد صحح الحديث الألباني في إرواء الغليل ٥/ ٢٩٥، وما نقلناه في تخريجه هو مختصر كلام الإمام الزيلعيُّ في نصب الراية ٤/ ١٤٠. وانظر أيضًا الهداية ٩/ ١٠٧ ومختصر خليل ٢٧٣، ٢٧٤ ومغني المحتاج ٢/ ٣٣٥ والمغني ٥/ ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>