يَسْتَحِلُّونَهُ أَنْ لَا يُؤْكَلَ
قُلْتُ: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ ذَبَائِحَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ؟ قَالَ: أَهْلُ الْحَرْبِ وَاَلَّذِينَ عِنْدَنَا مِنْ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ عِنْدَ مَالِكٍ سَوَاءٌ فِي ذَبَائِحِهِمْ، وَهُوَ يَكْرَهُ ذَبَائِحَهُمْ كُلِّهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحَرِّمَهَا، وَيَكْرَهُ شِرَاءَ اللَّحْمِ مِنْ مَجَازِرِهِمْ وَلَا يَرَاهُ حَرَامًا.
قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلَى الْبُلْدَانِ يَنْهَاهُمْ أَنْ يَكُونَ النَّصَارَى وَالْيَهُودَ فِي أَسْوَاقِهِمْ صَيَارِفَةً أَوْ جَزَّارِينَ، وَأَنْ يُقَامُوا مِنْ الْأَسْوَاقِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَغْنَانَا بِالْمُسْلِمِينَ قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: مَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ يُقَامُونَ مِنْ الْأَسْوَاقِ؟
قَالَ: لَا يَكُونُونَ صَيَارِفَةً وَلَا جَزَّارِينَ وَلَا يَبِيعُونَ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، قَالَ مَالِكٌ: وَأَرَى أَنْ يُكَلَّمَ مَنْ عِنْدَهُمْ مِنْ الْوُلَاةِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقِيمُوهُمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ يَرْتَدُّ إلَى الْيَهُودِيَّةِ أَوْ النَّصْرَانِيَّةِ أَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ ذَبِيحَةَ الْأَخْرَسِ، أَتُؤْكَلُ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى بِهَا بَأْسًا
قُلْتُ: إذَا تَرَدَّتْ الذَّبِيحَةُ مِنْ جَبَلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَانْدَقَّ عُنُقُهَا أَوْ انْدَقَّ مِنْهَا مَا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَعِيشُ مِنْ ذَلِكَ، أَتُؤْكَلُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ نَخَعَهَا ذَلِكَ قَالَ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ فِي الشَّاةِ الَّتِي تُخْرَقُ بَطْنُهَا فَتُشَقُّ أَمْعَاؤُهَا فَتَمُوتُ: إنَّهَا لَا تُؤْكَلُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَذْكِيَةً، لِأَنَّ الَّذِي صَنَعَ السَّبُعُ بِهَا كَانَ قَتْلًا لَهَا، وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهَا مِنْ الْحَيَاةِ خُرُوجُ نَفْسِهَا لِأَنَّهَا لَا تَحْيَا عَلَى حَالٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَزْلَامَ هَلْ سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهَا شَيْئًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْأَزْلَامُ قِدَاحٌ كَانَتْ تَكُونُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: فِي وَاحِدٍ افْعَلْ وَفِي الْآخَرِ لَا تَفْعَلْ، وَالْآخَرُ لَا شَيْءَ فِيهِ، قَالَ: فَكَانَ أَحَدُهُمْ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَوْ حَاجَةً ضَرَبَ بِهَا، فَإِنْ خَرَجَ الَّذِي فِيهِ افْعَلْ فَعَلَ ذَلِكَ وَخَرَجَ، وَإِنْ خَرَجَ الَّذِي فِيهِ لَا تَفْعَلْ تَرَكَ ذَلِكَ وَلَمْ يَخْرُجْ، وَإِنْ خَرَجَ الَّذِي لَا شَيْءَ فِيهِ أَعَادَ الضَّرْبَ.