النَّخْلِ، لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ، فَكَذَلِكَ الْبَقْلُ عِنْدِي مِثْلُ هَذَا، وَاَلَّذِي أَخْبَرْتُكَ مِنْ الثِّمَارِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
[مَا جَاءَ فِي قِسْمَةِ الْأَرْضِ وَمَائِهَا وَشَجَرِهَا]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ وَرِثُوا قَرْيَةً لَهَا مَاءٌ وَشَجَرٌ، وَرِثُوا أَرْضَهَا وَمَاءَهَا وَشَجَرَهَا وَشِرْبَهَا، لِأَحَدِهِمْ الثُّلُثُ وَلِلْآخَرِ السُّدُسُ وَلِلْآخَرِ النِّصْفُ، فَأَرَادُوا أَنْ يَقْتَسِمُوا؟
قَالَ: تُقْسَمُ الْأَرْضُ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْهَا، وَيَكُونُ لَهُمْ فِي شِرْبِهِمْ مِنْ الْمَاءِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْهُ، وَكُلُّ قَوْمٍ كَانُوا شُرَكَاءَ فِي قَلْدٍ مِنْ الْأَقْلَادِ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَشُرَكَاؤُهُ دُنْيَةً أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ سَائِرِ شُرَكَائِهِ فِي الْمَاءِ.
قُلْتُ: وَالدِّنْيَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ هُمْ أَهْلُ وِرَاثَةٍ يَتَوَارَثُونَ دُونَ شُرَكَائِهِمْ؟
قَالَ نَعَمْ.
قُلْتُ: وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ قَدْ قُسِّمَتْ إلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَقْتَسِمُوا الْمَاءَ، فَبَاعَ رَجُلٌ حَظَّهُ مِنْ الْمَاءِ وَلَمْ يَبِعْ الْأَرْضَ، كَانَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ نَخْلٍ بَيْنَ قَوْمٍ اقْتَسَمُوهَا وَلَهَا بِئْرٌ وَتَرَكُوا الْبِئْرَ عَلَى حَالِهَا يَسْقُونَ بِهَا، فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حَظَّهُ مِنْ الْأَرْضِ وَتَرَكَ حَظَّهُ مِنْ الْبِئْرِ لَمْ يَبِعْهُ مَعَهُ، ثُمَّ بَاعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ إنْسَانٍ فَقَالَ شَرِيكُهُ فِي الْبِئْرِ أَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا. قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: الْبِئْرُ الَّتِي لَا شُفْعَةَ فِيهَا مَا هِيَ؟
قَالَ: هِيَ هَذِهِ الَّتِي إذَا قُسِمَتْ النَّخْلُ وَتُرِكَتْ الْبِئْرُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا، فَالْعُيُونُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يُقْسَمْ النَّخْلُ، فَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ حَظَّهُ مِنْ الْمَاءِ إنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ؟
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي رَجُلٍ كَانَ لَهُ شِرْكٌ فِي نَخْلٍ يَسِيرٍ حَظُّهُ مِنْهَا يَسِيرٌ وَلَهُمْ نَبْعُ مَاءٍ، فَأَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَبِيعَ حَظَّهُ مِنْ الْمَاءِ مِنْ رَجُلٍ وَهُوَ الْقَلِيلُ الْحَظِّ وَلَا يَبِيعَ النَّخْلَ. قَالَ: أَرَى شُرَكَاءَهُ فِي الْمَاءِ أَحَقَّ بِالشُّفْعَةِ.
[مَا جَاءَ فِي قِسْمَةِ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ]
ُ قُلْتُ: فَهَلْ تُقَسِّمُ الْوَرَثَةُ الزَّرْعَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ عَلَى أَنْ يَحْصُدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ مَكَانَهُ؟
قَالَ: إذَا كَانَ ذَلِكَ يُسْتَطَاعُ أَنْ يُعْدَلَ بَيْنَهُمَا بِالتَّحَرِّي فِي الْقَسْمِ جَازَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا، بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُقَسَّمُ عَلَى التَّحَرِّي.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اقْتَسَمَاهُ عَلَى أَنْ يَحْصُدَاهُ فَحَصَدَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ حَتَّى صَارَ حَبًّا قَالَ: تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَيَكُونُ عَلَى الَّذِي حَصَدَهُ قِيمَةُ مَا حَصَدَ مِنْ الزَّرْعِ، وَيَكُونُ هَذَا الزَّرْعُ الَّذِي اُسْتُحْصِدَ بَيْنَهُمَا يَقْتَسِمَانِهِ بَيْنَهُمَا حَبًّا وَيَقْتَسِمَانِ أَيْضًا الْقِيمَةَ بَيْنَهُمَا.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: إنَّمَا قَالَ مَالِكٌ: فِي الْقَصَبِ وَالتِّبْنِ إذَا قُسِمَ عَلَى التَّحَرِّي فَذَلِكَ جَائِزٌ فَرَأَيْتُ قِسْمَةَ هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ عَلَى التَّحَرِّي جَائِزًا فِي رَأْيِي.