[الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُدَبَّرِ]
فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُدَبَّرِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا جَنَى عَلَى الْمُدَبَّرِ، لِمَنْ هُوَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لِلسَّيِّدِ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قُلْتُ: وَلَا يَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَالِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا.
قُلْتُ: لِمَ قُلْتَ فِي مَهْرِ الْمُدَبَّرَةِ: إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَالِهَا وَجَعَلْتَهَا أَحَقَّ بِهِ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ مِنْ الْوَرَثَةِ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ اسْتَحَلَّ بِهِ فَرْجَ الْأَمَةِ. قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ عَبْدَهُ أَمَتَهُ لَمْ يُزَوِّجْهَا إلَّا بِصَدَاقٍ يُدْفَعُ إلَيْهَا.
[مُدَبَّرِ الذِّمِّيِّ يَجْنِي جِنَايَةً]
فِي مُدَبَّرِ الذِّمِّيِّ يَجْنِي جِنَايَةً قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مُدَبَّرَ الذِّمِّيِّ جَنَى جِنَايَةً؟
قَالَ: إذَا كَانَ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ ذِمِّيَّيْنِ جَمِيعًا فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ النَّصْرَانِيُّ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُسْلِمَهُ عَبْدًا أَسْلَمَهُ وَكَانَ عَبْدًا لِمَنْ جَنَى عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، لِأَنَّ النَّصْرَانِيَّ لَوْ أَرَادَ بَيْعَهُ لَمْ يُحَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ وَلَمْ يُمْنَعْ، لِأَنَّهُ قَالَ فِي عَبْدِهِ الَّذِي أَعْتَقَ: إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ، وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ، وَإِنْ افْتَدَاهُ فَهُوَ عَلَى تَدْبِيرِهِ، وَلَكِنْ إنْ أَسْلَمَ مُدَبَّرُ الذِّمِّيِّ ثُمَّ جَنَى جِنَايَةً، فَإِنَّهُ يُسْلِمُ خِدْمَتَهُ - فِي قَوْلِ مَالِكٍ - أَوْ يَفْتَكَّهُ مِنْهُ الذِّمِّيُّ فَيُؤَاجَرَ لَهُ.
قُلْتُ: وَلِمَ قُلْتَ هَذَا: إنَّهُ يُؤَاجَرُ لِلذِّمِّيِّ إذَا افْتَكَّهُ أَوْ يُسْلِمُ خِدْمَتَهُ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ مُدَبَّرُ الذِّمِّيِّ، فَإِنِّي أَحْكُمُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّصَارَى بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ. فَلَمَّا أَسْلَمَ الْعَبْدُ كَانَتْ سُنَّتُهُ سُنَّةَ مُدَبَّرِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنَّهُ يُؤَاجَرُ لِلسَّيِّدِ، وَلَا يُتْرَكُ وَخِدْمَتُهُ.
قُلْتُ: وَلَا تَعْتِقْهُ عَلَيْهِ؟
قَالَ: لَا، أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا حَلَفَ بِعِتْقِ رَقِيقِهِ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ حَنَثَ لَمْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ رَقِيقُهُ الَّذِي حَلَفَ بِعِتْقِهِمْ فِي نَصْرَانِيَّتِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ طَلَاقِهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ حَلَفَ بِعِتْقِ رَقِيقِهِ وَفِيهِمْ مُسْلِمُونَ فَحَنِثَ، أَكُنْتَ تَعْتِقُهُمْ عَلَيْهِ؟
قَالَ: نَعَمْ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ لَزِمَهُ ذَلِكَ، فَالْحِنْثُ عِنْدِي بِمَنْزِلَتِهِ، وَكَذَا إذَا دَبَّرَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ أَنْفَذْتُ تَدْبِيرَهُ.
[مُدَبَّرِ النَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ ثُمَّ يُجْرَحُ أَوْ يُقْتَلُ]
فِي مُدَبَّرِ النَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ ثُمَّ يُجْرَحُ أَوْ يُقْتَلُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مُدَبَّرَ النَّصْرَانِيِّ إذَا أَسْلَمَ - وَسَيِّدُهُ نَصْرَانِيٌّ - فَقُتِلَ أَوْ جُرِحَ هَذَا الْمُدَبَّرُ، لِمَنْ يَكُونُ عَقْلُهُ؟
قَالَ: لِسَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ. قَالَ: وَهَذَا رَأْيِي لِأَنَّ الْعَبْدَ لَوْ مَاتَ كَانَ مَالُهُ لِسَيِّدِهِ.
[أَمِّ الْوَلَدِ تَجْرَحُ رَجُلًا بَعْدَ رَجُلٍ]
فِي أَمِّ الْوَلَدِ تَجْرَحُ رَجُلًا بَعْدَ رَجُلٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَتْ أُمُّ وَلَدِهِ رَجُلًا خَطَأً فَلَمْ يَدْفَعْ قِيمَتَهَا حَتَّى قَتَلَتْ رَجُلًا آخَرَ خَطَأً؟
قَالَ: يَدْفَعُ قِيمَتَهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَا بَلَغَنِي.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ دَفَعَ قِيمَتَهَا ثُمَّ قَتَلَتْ آخَرَ خَطَأً؟
قَالَ: يُخْرِجُ قِيمَتَهَا ثَانِيَةً فَيَدْفَعُهَا