قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَسَأَلْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَقَدْ كَانَتْ عِنْدَنَا دُورٌ فِيهَا تُيُوسٌ تُكْرَى لِذَلِكَ وَأَبْنَاءُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْيَاءٌ فَلَمْ يَكُونُوا يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ.
[إجَارَةِ الْبِئْرِ]
فِي إجَارَةِ الْبِئْرِ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت مِنْ رَجُلٍ بِئْرًا وَهِيَ فِي دَارِهِ أَوْ فِي فِنَائِهِ وَلَيْسَتْ مِنْ آبَارِ الْمَاشِيَةِ اسْتَأْجَرْتهَا مِنْهُ أَسْقِي مِنْهَا غَنَمٍ كُلَّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ أَتَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: أَمَّا مَا كَانَ فِي دَارِهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَمْنَعَهَا النَّاسَ وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ، وَأَمَّا فِنَاؤُهُ فَإِنِّي لَا أَعْرِفُ مَا الْفِنَاءُ إنْ كَانَ هُوَ إنَّمَا احْتَفَرَهُ لِلنَّاسِ صَدَقَةً يَسْتَقُونَ مِنْهَا، أَوْ لِمَاشِيَتِهِمْ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَإِنْ كَانَ احْتَفَرَهَا لِيَحُوزَهَا لِنَفْسِهِ كَمَا يَحُوزُ مَا فِي دَارِهِ يَسْتَقِي بِهِ وَيَشْرَبُ مِنْهُ وَهِيَ أَرْضُهُ وَلَمْ يَحْفِرْهَا عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ لِلنَّاسِ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ يُكْرِيَهُ.
قُلْتُ: أَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ بَيْعَ مَاءِ الْمَوَاجِلِ مَوَاجِلِ السَّمَاءِ؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ بَيْعِ مَاءِ الْمَوَاجِلِ الَّتِي عَلَى طَرِيقِ أَنْطَابُلُسَ فَكَرِهَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ بَيْعَ فَضْلِ مَاءِ الزَّرْعِ مِنْ الْعُيُونِ أَوْ الْآبَارِ؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ ذَلِكَ.
قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ يَكْرَهُ بَيْعَ رِقَابِ آبَارِ مَاءِ الزَّرْعِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْعُيُونُ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ أَصْلِهَا وَبَيْعِ مَائِهَا لِيَسْقِيَ بِهِ الزَّرْعَ؟
قَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ بَيْعَ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ أَنْ يُبَاعُ مَاؤُهَا؟ أَوْ يُبَاعُ أَصْلُهَا قَالَ: نَعَم.
قُلْتُ: وَأَهْلُهَا أَحَقُّ بِمَائِهَا حَتَّى إذَا فَضَلَ عَنْهُمْ فَضْلٌ كَانَ النَّاسُ فِيهِ أُسْوَةً؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ بَيْعَ آبَارِ الشَّفَةِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الْبِئْرُ فِي دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ لَمْ أَرَ بَأْسًا أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ يَبِيعَ مَاءَهَا.
قُلْتُ: وَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَجْعَلُ رَبَّهَا أَحَقَّ بِمَائِهَا مِنْ النَّاسِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَالْمَوَاجِلُ أَكَانَ مَالِكٌ يَجْعَلُ رَبَّهَا أَحَقَّ بِهَا؟
قَالَ: أَمَّا كُلُّ مَا احْتَفَرَهُ فِي دَارِهِ أَوْ فِي أَرْضِهِ يُرِيدُهُ لِنَفْسِهِ مِثْلُ مَا يُحْدِثُ النَّاسُ فِي دُورِهِمْ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَيَحِلُّ بَيْعُهُ، وَأَمَّا