وَأَرَى إنْ كَانَ أَضْجَعَهَا لِيَذْبَحَهَا فَذَبَحَهَا فَأَجَازَ عَلَى الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ، وَسَمَّى اللَّهَ ثُمَّ تَمَادَى فَقَطَعَ عُنُقَهَا، فَأَرَى أَنْ تُؤْكَلَ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ ذَبِيحَةٍ ذُكِّيَتْ، ثُمَّ عَجَّلَ فَاحْتَرَزَ رَأْسَهَا قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الَّتِي تُقْطَعُ رَأْسُهَا قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ.
قَالَ سَحْنُونٌ: اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا فَمَرَّةً قَالَ لَا تُؤْكَلُ إذَا تَعَمَّدَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِي تُؤْكَلُ وَإِنْ تَعَمَّدَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَجَّهَ ذَبِيحَتَهُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَيَأْكُلُ؟ قَالَ: نَعَمْ يَأْكُلُ وَبِئْسَ مَا صَنَعَ.
قُلْتُ: كَيْفَ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى الذَّبِيحَةِ؟ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ.
قُلْتُ هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يَذْكُرَ عَلَى الذَّبِيحَةِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ، أَوْ يَقُولُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَذَلِكَ مَوْضِعٌ لَا يُذْكَرُ هُنَالِكَ إلَّا اسْمُ اللَّهِ وَحْدَهُ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الضَّحَايَا هَلْ يَذْكُرُ عَلَيْهَا اسْمَ اللَّهِ، وَيَقُولُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَقُولُ عَلَى الضَّحَايَا بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنْ أَحَبَّ قَالَ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي وَإِلَّا فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ تَكْفِيهِ. قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَهَذَا الَّذِي يَقُولُ النَّاسُ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَإِلَيْكَ؟ فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: هَذَا بِدْعَةٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تَذْبَحُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ أَتُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ تُؤْكَلُ.
قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْمَرْأَةِ تَضْطَرُّ إلَى الذَّبِيحَةِ وَعِنْدَهَا الرَّجُلُ النَّصْرَانِيُّ أَتَأْمُرُهُ أَنْ يَذْبَحَ لَهَا؟
قَالَ: لَا وَلَكِنْ تَذْبَحُ هِيَ.
قُلْتُ: أَفَتَحِلُّ ذَبَائِحُ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَصِبْيَانِهِمْ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنْ إذَا حَلَّ ذَبَائِحُ رِجَالِهِمْ فَلَا بَأْسَ بِذَبَائِحِ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ إذَا أَطَاقُوا الذَّبْحَ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا ذَبَحُوا لِأَعْيَادِهِمْ وَكَنَائِسِهِمْ أَيُؤْكَلُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ، وَتَأَوَّلَ مَالِكٌ فِيهِ {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: ١٤٥] وَكَانَ يَكْرَهُهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحَرِّمَهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَالِكًا هَلْ كَانَ يَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُمَكِّنَ أُضْحِيَّتَهُ أَوْ هَدْيَهُ مِنْ أَحَدٍ مَنْ النَّصَارَى أَوْ الْيَهُودِ أَنْ يَذْبَحَهُ؟ قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يُكْرَهُ أَنْ يُمَكِّنَ أُضْحِيَّتَهُ أَوْ هَدْيَهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ أَنْ يَذْبَحَهُ لَهُ، وَلَكِنْ يَلِيهَا هُوَ بِنَفْسِهِ. قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ ذَبَحَ النَّصْرَانِيُّ أُضْحِيَّةَ الْمُسْلِمِ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِ أَعَادَ أُضْحِيَّتَهُ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْيَهُودِيُّ مِثْلُهُ. قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَهَلْ يُبَاعُ لَحْمُهَا؟
قَالَ: لَا لِأَنَّهَا ذُبِحَتْ عَلَى نُسُكٍ، فَلَا يُبَاعُ النُّسُكُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ كَمِثْلِ الْهَدْيِ الَّذِي يَعْطَبُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ فَيُنْحَرَ، لَا يُبَاعُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ لِأَنَّهُ نُسُكٌ.
قُلْتُ: فَإِنْ ذَبَحَهَا مَنْ يَحِلُّ ذَبْحُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَيُجْزِئُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُجْزِئُهُ وَبِئْسَمَا صَنَعَ وَالشَّأْنُ أَنْ يَلِيَهَا هُوَ بِنَفْسِهِ أَعْجَبُ إلَى مَالِكٍ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا ذَبَحَتْ الْيَهُودُ مِنْ الْغَنَمِ فَأَصَابُوهُ فَاسِدًا عِنْدَهُمْ لَا يَسْتَحِلُّونَهُ لِأَجْلِ الرِّئَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا الَّتِي يُحَرِّمُونَهَا فِي دِينِهِمْ، أَيَحِلُّ أَكْلُهُ لِلْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: كَانَ مَالِكٌ مَرَّةً يُجِيزُهُ فِيمَا بَلَغَنِي، ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُهُ يَكْرَهُهُ بَعْدُ، فَقَالَ: لَا يُؤْكَلُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَرَأَيْتُ مَالِكًا يَسْتَثْقِلُ ذَبَائِحَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَا يُحَرِّمُهَا، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَرَأْيِي أَنَّ مَا ذَبَحَتْ الْيَهُودُ مِمَّا لَا