الْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ الدُّعَاءَ فَرْضٌ بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي فُرُوضِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالدُّعَاءِ بَيْنَهُنَّ وَنَحْوُهُ لِلشَّبِيبِيِّ وَغَيْرِهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ الْآتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَصَبْرُ الْمَسْبُوقِ لِلتَّكْبِيرِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي قَالَ: وَيُحْمَلُ - نَقَلَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ الْقَاضِي - قَدْرُ الدُّعَاءِ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ لَا عَلَى الْوُجُوبِ انْتَهَى.
وَنَقَلَ عَبْدُ الْحَقِّ هُوَ قَوْلُهُ فِي التَّهْذِيبِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ فِي تَرْجَمَةِ السَّهْوِ عَنْ الْقِرَاءَةِ، وَالْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ يُقَالُ لِلَّذِي يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ: اُدْعُ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ انْتَهَى.
وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُهُمْ فِي الْمَسْبُوقِ: إنَّهُ إذَا لَمْ تُتْرَكْ الْجِنَازَةُ يُوَالِي التَّكْبِيرَ إنَّمَا ذَلِكَ لِئَلَّا تَكُونَ الصَّلَاةُ عَلَى غَائِبٍ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ نَقَلَ ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْوَقَارِ أَنَّهُ قَالَ يَحْمَدُ اللَّهَ فِي الْأُولَى وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثَّانِيَةِ وَيَشْفَعُ لِلْمَيِّتِ فِي الثَّالِثَةِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الثَّنَاءُ وَالصَّلَاةُ فِي الْأُولَى وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ فِي الثَّانِيَةِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا إلَى آخِرِ الدُّعَاءِ فِي الثَّالِثَةِ ثُمَّ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ ثُمَّ انْتَهَى.
وَأَصْلُهُ السَّنَدُ وَنَصُّهُ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تُثْنِي عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى ثُمَّ تَدْعُو لِلْمَيِّتِ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِذَا كَبَّرْت الثَّالِثَةَ قُلْت اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا إلَى آخِرِ الدُّعَاءِ ثُمَّ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ.
وَرَوَى سَحْنُونٌ فِي الْكِتَابِ مُسْنَدًا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ دُعَاءَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْمِيدٍ وَلَا صَلَاةٍ ثُمَّ قَالَ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ: يَقُولُ هَذَا كُلَّمَا كَبَّرَ فَإِنْ كَانَتْ التَّكْبِيرَةُ الْأَخِيرَةُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَاقَ الصَّلَاةَ وَالِاسْتِغْفَارَ لِلْمُسْلِمِينَ وَهَذَا كُلُّهُ الْمَقْصُودُ بِهِ أَنْ يَجْتَهِدَ بِالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ فَقَدْ يَكْثُرُ الدَّاعُونَ؛ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى تَكْرِيرٍ، وَقَدْ تَقِلُّ فَيُكَرِّرُ انْتَهَى.
وَظَاهِرُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute