للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الرَّفْضِ: لَا نَقُولُ: إنَّ الطَّهَارَةَ بَطَلَتْ بِالْحَدَثِ، وَلَكِنْ انْتَهَى حُكْمُهَا كَمَا يَنْتَهِي حُكْمُ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ، وَلِهَذَا إذَا تَوَضَّأَ وَإِنَّمَا يَتَوَضَّأُ لِلْحَدَثِ الثَّانِي لَا الْحَدَثِ الْأَوَّلِ انْتَهَى ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَفَاعِلٌ إذَا لَمْ يَكُنْ وَصْفًا لِمُذَكَّرٍ عَاقِلٍ يَجُوزُ جَمْعُهُ عَلَى فَوَاعِلَ كَخَارِجٍ وَخَوَارِجَ وَطَالِقٍ وَطَوَالِقَ نَصَّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهِ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي شَرْحِ الْكَافِيَةِ: وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فَعَدُّوهُ مَسْمُوعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ: وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي صِحَّةِ هَذَا الْجَمْعِ نَظَرٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي مَوَاضِعَ فِي بَابِ الْفَرَائِضِ: إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ غَلَطٌ وَإِذَا أَرَادَ فِيهِ كَلَامًا فِي الْعَرَبِيَّةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ فَقَرِيبٌ، انْتَهَى.

وَنَوَاقِضُ الْوُضُوءِ (أَحْدَاثٌ) وَأَسْبَابٌ فَالْأَحْدَاثُ جَمْعُ حَدَثٍ وَهُوَ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ بِنَفْسِهِ (وَالْأَسْبَابُ) جَمْعُ سَبَبٍ وَالسَّبَبُ فِي اللُّغَةِ: الْحَبْلُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} [الحج: ١٥] أَيْ فَلْيُمْدِدْ بِحَبْلٍ إلَى سَقْفِ بَيْتِهِ فَإِنَّ السَّقْفَ يُسَمَّى سَمَاءً لِعُلُوِّهِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ السَّبَبُ فِي عِلَّةِ الشَّيْءِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَيْهِ وَالسَّبَبُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ هُوَ مَا أَدَّى إلَى خُرُوجِ الْحَدَثِ كَالنَّوْمِ الْمُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ الرِّيحِ مَثَلًا وَاللَّمْسِ وَالْمَسِّ الْمُؤَدِّيَانِ إلَى خُرُوجِ الْمَذْيِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ أَنَّ الْحَدَثَ يُطْلَقُ عَلَى أَرْبَعَةِ مَعَانٍ: أَحَدُهَا هَذَا وَهُوَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ عَلَى سَبِيلِ الصِّحَّةِ وَالِاعْتِيَادِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَهُوَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ فَتَمَّمَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا مِنْ مَخْرَجَيْهِ إلَخْ قَوْلُهُ: وَهُوَ الْخَارِجُ أَفَادَ بِهِ أَنَّ الدَّاخِلَ غَيْرُ حَدَثٍ وَلَا سَبَبَ فَلَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِحُقْنَةٍ، وَمَغِيبُ الْحَشَفَةِ مُوجِبٌ لِمَا هُوَ أَعَمُّ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: مَذْيُ الْمَرْأَةِ بِلَّةٌ تَجِدُهَا فَيَجِبُ بِهَا الْوُضُوءُ انْتَهَى مِنْ شَرْحِ الرِّسَالَةِ الْمُتَقَدِّمِ وَفِي الْجُزُولِيِّ الْكَبِيرِ ابْنُ حَبِيبٍ: مَذْيُ الْمَرْأَةِ بِلَّةٌ تَخْرُجُ عِنْدَ الشَّهْوَةِ وَوَدْيُهَا يَخْرُجُ بِأَثَرِ الْبَوْلِ انْتَهَى.

ص (لَا حَصًى وَدُودٌ وَلَوْ بِبِلَّةٍ)

ش: يُرِيدُ وَكَذَلِكَ الدَّمُ وَسَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ الدُّبُرِ أَوْ مِنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَتَقَدَّمَ غَسْلُ ذَلِكَ وَالِاسْتِجْمَارُ مِنْهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَتَعَيَّنَ فِي مَنِيٍّ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ: لَوْ خَرَجَ الْوَلَدُ جَافًّا بِغَيْرِ دَمٍ فَهَلْ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَمْ لَا قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ، انْتَهَى. وَلَعَلَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ مُفَرَّعَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِنَفْيِ وُجُوبِ الْغُسْلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ص (وَبِسَلَسٍ فَارَقَ أَكْثَرَ كَسَلَسِ مَذْيٍ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ وَنُدِبَ إنْ لَازَمَ أَكْثَرَ لَا إنْ شَقَّ)

ش هَذَا رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ فِي الصِّحَّةِ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ لَا يُنْقَضُ مُطْلَقًا، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَا خَرَجَ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ لَا يُنْقِضُ الْوُضُوءَ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ. وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ رِوَايَةً شَاذَّةً أَنَّ السَّلَسَ يُنْقِضُ مُطْلَقًا وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ طَرِيقَةُ الْمَغَارِبَةِ أَنَّ السَّلَسَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: (الْأَوَّلُ) أَنْ يُلَازِمَ وَلَا يُفَارِقَ فَلَا يَجِبُ الْوُضُوءُ وَلَا يُسْتَحَبُّ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُ صَاحِبِهِ بِالْبَوْلِ الْمُعْتَادِ.

(الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ مُلَازَمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ مُفَارِقَتِهِ فَيُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ إلَّا أَنْ يَشُقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِبَرْدٍ أَوْ ضَرُورَةٍ فَلَا يُسْتَحَبُّ.

(الثَّالِثُ) أَنْ يَتَسَاوَى إتْيَانُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>