للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ بِأَنَّهُ يُزِيلُ النَّجَاسَةَ وَيَتَيَمَّمُ، وَكَذَلِكَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَصَاحِبُ الطِّرَازِ ذَكَرَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى سُؤْرِ مَا لَا يَتَوَقَّى النَّجَاسَةَ.

(الثَّانِي) هَذَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ جَمْعُ الْمَاءِ مِنْ أَعْضَائِهِ طَهُورًا.

وَأَمَّا إنْ أَمْكَنَهُ جَمْعُهُ طَهُورًا مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَجْمَعُهُ وَيَغْسِلُ بِهِ النَّجَاسَةَ؛ لِأَنَّهُ طَهُورٌ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ؛ لِأَنَّهَا مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ: قَوْلُهُ الْمَاسِحُ مُشْكِلٌ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخُصُّهُ بَلْ الْمُرَادُ مَنْ حُكْمُهُ الْمَسْحُ، وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ أَلْبَتَّةَ فَإِطْلَاقُ اسْمِ الْفَاعِلِ عَلَيْهِ مَجَازٌ اهـ.

(قُلْتُ:) هَذَا الْكَلَامُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي إطْلَاقِ الْمُشْتَقِّ عَلَى مَحَلِّهِ حَقِيقَةُ بَقَاءِ مَعْنَى ذَلِكَ الْمُشْتَقِّ فِي الْمَحَلِّ وَالْجُمْهُورُ عَلَى اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَإِنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ إنَّمَا يَكُونُ حَقِيقَةً حَالَ التَّلَبُّسِ بِالْفِعْلِ فَالضَّارِبُ إنَّمَا يَكُونُ حَقِيقَةً فِيمَنْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِالضَّرْبِ وَالْقَائِمُ إنَّمَا هُوَ حَقِيقَةٌ فِيمَنْ تَلَبَّسَ بِالْقِيَامِ وَإِنَّ إطْلَاقَ الْمُشْتَقِّ عَلَى الْمَحَلِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ ذَلِكَ الْمَعْنَى مَجَازٌ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَالْمَاسِحُ حَقِيقَةً مَنْ هُوَ مُتَلَبِّسٌ بِالْمَسْحِ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى مَنْ صَدَرَ مِنْهُ الْمَسْحُ، أَوْ مَنْ يَمْسَحُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَجَازٌ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ، إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ أَقْوَى مِنْ الثَّانِي، وَقِيلَ: إنَّهُ حَقِيقَةٌ وَالثَّانِي مَجَازٌ بِلَا خِلَافٍ عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ إنَّمَا تُتَصَوَّرُ فِيمَنْ صَدَرَ مِنْهُ الْمَسْحُ وَإِلَّا، فَمَنْ لَمْ يَمْسَحْ يَنْزِعُ الْخُفَّ وَيُصَلِّي بِوُضُوئِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَيَمُّمٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ص (وَاخْتَارَ إلْحَاقَ رِجْلِ الْفَقِيرِ، وَفِي غَيْرِهِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ) .

ش يَعْنِي أَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ إلْحَاقَ رِجْلَ الْفَقِيرِ فِي أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ مَا يُصِيبُهَا مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا إذَا دُلِكَتْ، وَفِي رِجْلِ غَيْرِ الْفَقِيرِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ. وَاعْلَمْ أَنَّ الرِّجْلَ لَا نَصَّ فِيهَا لِلْمُتَقَدِّمِينَ كَمَا ذُكِرَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَاجِيّ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَفُرِّقَ فِي الثَّالِثِ بَيْنَ الْفَقِيرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ وَاخْتَارَ التُّونُسِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ إلْحَاقَهَا بِالْخُفِّ وَالنَّعْلِ مُطْلَقًا وَحَكَى ابْنُ شَاسٍ وَالْقَرَافِيُّ قَوْلًا بِعَدَمِ الْإِلْحَاقِ مُطْلَقًا، وَقَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ اللَّخْمِيَّ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ فِي غَيْرِ رِجْلِ الْفَقِيرِ وَلَيْسَ هَذَا مُرَادُهُ وَلَكِنَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ فِي رِجْلِ الْفَقِيرِ بِمُوَافَقَتِهِ لِاخْتِيَارِ التُّونُسِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَلَمَّا لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ اخْتِيَارُهُ فِي مُقَابِلِهِ لِمُعَارَضَتِهِ لِاخْتِيَارِ التُّونُسِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ إنْ تَيَسَّرَ لَهُ الْغَسْلُ وَوَجَدَ الْمَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَلْيُصَلِّ بِهَا إذَا مَسَحَ رِجْلَيْهِ كَمَا يُفْعَلُ بِالنَّعْلِ اهـ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ص (وَوَاقِعٌ عَلَى مَارٍّ، وَإِنْ سَأَلَ صَدَّقَ الْمُسْلِمَ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا وَقَعَ عَلَى الْمَارِّ تَحْتَ سَقِيفَةٍ وَشِبْهِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ نَجَسٌ يُعْفَى عَنْهُ كَمَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَعْفُوَّاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ النَّجَاسَةَ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ مِنْ بُيُوتِ النَّصَارَى فَيَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى النَّجَاسَةِ، الْمَسْأَلَةُ فِي رَسْمِ حَلْفٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَلَيْسَتْ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَمُرُّ تَحْتَ سَقِيفَةٍ فَيَقَعُ عَلَيْهِ مَاؤُهَا قَالَ أَرَاهُ فِي سَعَةٍ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ نَجَاسَةً زَادَ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، وَإِنْ سَأَلَهُمْ فَقَالُوا هُوَ طَاهِرٌ فَإِنَّهُ يُصَدِّقُهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا نَصَارَى فَلَا أَرَى ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا قَالَ يُصَدِّقُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَدَالَتَهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ النَّجَاسَةَ فَسُؤَالُهُمْ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ، وَلَوْ قَالُوا لَهُ لَمَّا سَأَلَهُمْ: هُوَ نَجَسٌ لَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَدِّقَهُمْ انْتَهَى.

وَعَزَا الشَّارِحُ هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>