للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ} هذا تسلية للرسول - صلى الله عليه وسلم - بما مضى، ولا يمنع لو كان ممكناً أن يوجد رسل آخرون بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فليس فيها دليل على هذا.

الفائدة السادسة: أن السخرية والاستهزاء بالرسل موجب للعقاب، لقوله: {فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.

فإن قيل: هل هذا العقابُ عقابٌ على كفر أو على فسوق؟

فالجواب: أنه عقاب على كفر، فكل من سخر بالرسل، أو استهزأ بهم فهو كافر، ولا إشكال في ذلك.

ولكن هل تقبل توبته؟

الجواب: نعم، تقبل توبته؛ لعموم قول الله تبارك وتعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣)} [الزمر: ٥٣].

وكذلك هناك دليل عقلي، وهو أن سب النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان كفراً لنبوته لا لشخصيته، والنبوة والعمل بالشريعة التي جاءت بها من حقوق الله في الواقع، وحقوق الله تقبل فيها التوبة بالاتفاق، فالصحيح أن من سخر بالنبي أو استهزأ به فإنه إذا تاب إلى الله توبة نصوحاً ارتفع عنه وصف الردة، وصار مسلماً، وارتفع عنه القتل.

فإن قيل: إذا سب الرسولَ ثم تاب وقبلنا توبته، هل يرتفع عنه القتل أو لا؟

فالجواب: أن في هذا خلافاً، فمن العلماء من قال: إنها تقبل توبته؛ وذلك؛ لأن سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس سبّاً شخصياً، وإنما السبُّ مُنْصَبٌّ على النبوة والرسالة، والنبوة والرسالة من حق الله فلا يقتل ما دام قبلنا توبته، واختار شيخ الإسلام ابن

<<  <   >  >>