للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فليتسلوا به ويقولوا في أنفسهم وبألسنتهم إن الله تعالى عالم بما تقولون وسيجازيكم.

الفائدة السادسة: أن الجحد بآيات الله كفر ولو استيقنها الإنسان ما دام جحدها، وإن كان مؤمنًا بها في قلبه فإنه يكفر؛ لأن أحكام الدنيا تجري على الظاهر، فنحن نكفّر من أظهر الكفر وإن كان مؤمنًا بقلبه، ونسكت عمن أظهر الإسلام، ولو كان كافرًا بقلبه؛ لأن هذه هي أحكام الدنيا التي أوجبها الله - عزّ وجل -، إذ إننا لا نعلم ما في قلوب الناس، ومن ثَمَّ أنكر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - على أسامة بن زيد، حيث قتل المشرك بعد أن قال: لا إله إلا الله، واحتج أسامة بأنه قالها تعوذًا، أي: خوفًا من القتل - لا عن يقين، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله أفلا شققت عن قلبه" (١)، فأمور الدنيا على الظاهر لا على الباطن، لكن في الآخرة - نسأل الله أن يستر علينا - على الباطن كما قال - عزّ وجل -: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩)} [الطارق: ٨، ٩]، وقال - عزّ وجل -: {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (١٠)} [العاديات: ٩، ١٠].

وإذا قيل: هل هناك وصف آخر يكفر به الإنسان؟ فالجواب: نعم، بالاستكبار، فالردة لها أصلان فقط: الأول: الجحود. والثاني: الاستكبار. ولو عمل ولم يستكبر ظاهرًا فإنه يكفر، كما لو قال: (الصلوات الخمس غير مفروضة، لكني أفعلها تورعًا واحتياطًا) ماذا نقول له؟


(١) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب: تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله (٩٦).

<<  <   >  >>