للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القسم المقدر الذي دلت عليه اللام بقوله: {لَتَجِدَنَّ}، ولهذا يسمي النحاة هذه اللام موطئة للقسم، ومؤكدة أيضًا باللام وبالنون، والخطاب فيها إما للرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعلى هذا فيكون الحديث عن اليهود والنصارى والمشركين في هذه الآية الذين كانوا في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإما أن يكون الخطاب لكل من يتوجه إليه الخطاب، فتكون هذه الأوصاف عامة في هؤلاء إلى يوم القيامة، فالآية محتملة، ومع ذلك حتى لو قلنا بالعموم، فلا تعم كل يهودي بعينه أو نصراني بعينه أو كل مسلم بعينه، لكن هذا الحكم على سبيل العموم، والأحكام تأتي دائمًا على سبيل العموم كما تقول: الرجال خير من النساء، يعني هذا الجنس خيرٌ من هذا الجنس، ويوجد في النساء من هو خير من كثير من الرجال، ويوجد في الرجال من هو شر من كثير من النساء.

إذًا: الخطاب يحتمل أن يكون للرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعلى هذا فيختص الحكم بهؤلاء الذين في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل العموم ويكون المراد الجنس ليس كل فرد، فلا نقول كل يهودي أشد الناس عداوة للمؤمنين، ولا كل نصراني أقرب الناس مودة بل هذا باعتبار الجنس.

وقوله: {أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ}، يحتمل في "أشد" أن تكون هي المفعول الأول، ويكون المراد الإخبار عن أشد الناس عداوة، ويحتمل أن تكون (أشد) مفعولًا ثانيًا، ويكون المراد الإخبار عن هاتين الطائفتين اليهود والنصارى، بأنهم أشد الناس عداوة.

فأيهما أعظم أن نجعل {أَشَدَّ} هي المفعول الأول،

<<  <  ج: ص:  >  >>