الجواب: نعم رأينا لكن لا نحصيه، "فإنه لم يغض ما في يمينه"(١) أي: لم ينقص ما في يمينه تبارك وتعالى، إذًا: يد الله مبسوطة ملأى سحّاء الليل والنهار.
الفائدة الثانية عشرة: أن عطاء الله ومنعه تابع لمشيئته، لقوله {يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} فهذا يعطيه أموالًا كثيرة، وهذا يعطيه صحة كبيرة وعقلًا كبيرًا، وهذا بالعكس، وهذا وسط، فجميع ما ينفقه الله عزّ وجل من العطاء المعنوي والعطاء الحسين يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ.
ويجب أن يكون لديك قاعدة: أن كل شيء قرنه الله بمشيئة فإنه مقيد بالحكمة، يعني: ليست مشيئة مجردة كما ذهب إليه بعض الجهمية الذين يقولون: إن الله يفعل الشيء لمجرد المشيئة وليس لحكمة؛ لأنه لا يسأل عما يفعل، فلا يقال: ما حكمة كذا؟ ولماذا فعل كذا؟
بل نقول: إن كل شيء مقيد بالمشيئة فإنه مقرون بالحكمة، والدليل ما لا يحصى مما وصف الله به نفسه بأنه حكيم وأنه أحكم الحاكمين، ومعلوم أن الحكيم لا يصدر عنه فعل إلا لحكمة.
ثانيًا: أن الله قال: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (٢٩) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٣٠)} [الإنسان: ٢٩ - ٣٠]. ففي هذا إشارة إلى أن مشيئته تابعة لحكمته.
(١) رواه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥] (٧٤١١) عن أبي هريرة.