للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الهمزة، وعلى هذا فتكون الجملة التي دخلت عليها همزة الاستفهام معطوفة على الجملة السابقة، والتقدير: "فَأَحُكْمَ الجاهلية" وهذا لا شك أنه أسهل لطالب العلم؛ ولأن الأصل عدم الحذف، صحيح أن هذا مخالف للأصل من حيث إن حرف العطف زحلق عن مكانه لكنه أسهل من حيث إن الإنسان تبرأ ذمته إذا قال: إن هذه الجملة معطوفة على ما سبق.

وقوله: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} أضاف الله الحكم إلى الجاهلية، فما المراد به؟ هل المراد أحكام أهل الجاهلية كوأد البنات وما أشبه ذلك وتحريم بعض المحللات، أو أن المراد: أفحكم الجاهلية يعني: الحكم الموصوف بأنه جهل؟

نقول: كلا المعنيين حق لكن الثاني أعم؛ لأنه يشمل كل حكم مبني على جهل سواء، كان من أحكام أهل الجاهلية الذين هم العرب أو من أحكام آخرين، وعلى هذا فيكون المعنى: أفحكم الجهل يبغون، والجهر: هو عدم العلم، وكل ما خالف الحق الذي هو حكم الله فهو جهل أو جهالة، إن كان عن غير علم فهو جهل، وإن كان عن علم ولكن خالف الحق متعمدًا فهو جهالة.

وقوله: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} أي: يطلبون، ولا يخفى أن {حُكْمَ}: منصوب وعامله: {يَبْغُونَ}، فهو مفعول مقدم لـ {يَبْغُونَ}، يعني: أيطلبون حكم الجاهلية، وقدم المعمول لإفادة الحصر، يعني: كان هؤلاء لا يريدون إلا الحكم الجاهلي المبني على الجهل أو الجهالة؛ لأن القاعدة عندنا أن تقديم ما حقه التأخير مفيد الحصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>