الحد: هل هو الكف أو المرفق أو الكتف؟ نقول: اليد إذا أُطلِقت فالمراد بها الكف، والدليل قول الله تبارك وتعالى في التيمم:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}[المائدة: ٦]. واليد هنا حدها الكف، لدليل السنة الصريحة في هذا، كما في حديث عمار بن ياسر (١) وغيره، ولهذا لما أراد الله سبحانه وتعالى الزيادة على الكف قال في آية الوضوء:{وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}[المائدة: ٦]، إذًا فتعين أن المراد باليد هنا اليد اليمنى، وأن حد القطع من مفصل الكف.
قوله:{جَزَاءً} هذه منصوبة على أنها مفعول من أجله، أي: لأجل مجازاتهما على فعلهما.
قوله:{بِمَا كَسَبَا} أي: بما كسبا من الجريمة والمعصية والعدوان، وهذا المعنى يؤيد أن المراد باليد اليمين؛ لأن الغالب أن الإنسان يأخذ بيمينه ويعطي بيمينه، والغالب أيضًا أن اليمين أقوى من اليسار.
وقوله:{جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} أي: مجازاة لهما على ما كسبا من المال المبني على العدوان والظلم.
قوله:{نَكَالًا مِنَ اللَّهِ}{نَكَالًا} مفعول من أجله أيضًا، أي: تنكيلًا لغيرهما، ونكالًا لهما أيضًا أن يعودا إلى مثله، فإن أي إنسان مهما بلغ من الطمع في المال إذا علم أن يده سوف تُقطع، فإنه سوف يُنكِل عن السرقة خوفًا من أن تقطع يده، وأصل النِّكَال بالكسر أصله القيد التي تقيد به يد الدابة فيمنعها من
(١) رواه مسلم، كتاب الحيض، باب التيمم، حديث رقم (٣٦٨).