ولهذا لو قال الإنسان: عبدي حر، وعنده أعبد، يعتق الجميع إلا إذا كان له نية بعبد خاص، ولو قال: زوجتي طالق، وعنده أربع، تطلق الزوجات كلهن ما لم ينوِ واحدةً؛ لأن المفرد المضاف يكون للعموم.
الفائدة الثالثة: أن السموات جمع، أي: عدد، وقد بَيَّنَ الله في كتابه أنها سبع سموات، فقال تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦)} [المؤمنون: ٨٦]، إذًا: فالسموات سبع وهي طباق كما قال الله تعالى عن نوح: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥)} [نوح: ١٥]، أي: متطابقة بعضها فوق بعض، وبينها مسافات كما دل على ذلك حديث المعراج، حيث كان جبريل عليه السلام يصعد بالنبي - صلى الله عليه وسلم - سماءً بعد سماء، كلما أتى سماءً استفتح واستفهم أهلها: من هذا، من معك، هل هو رسول؟ فعلينا أن نؤمن بهذا وأن ننكر قول أولئك الفلاسفة الذين يقولون: إنه ليس هناك شيء، ليس هناك سموات، وإنما هي مجرات ونجوم وما أشبه ذلك وفضاء لا نهاية له فإن هذا كذب؛ لأنه يخالف ما جاء في الكتاب والسنة، وليسوا أعلم بخلق الله من الله عزّ وجل.
الفائدة الرابعة: بيان الحكمة من إفراد الأرض وجمع السموات، فالأرض أفردها الله عزّ وجل في كل موضعٍ ذكرها، وإن كان في القرآن إشارة إلى أنها سبع كما في قوله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ}[الطلاق: ١٢]، ولعل من فائدة ذلك وحكمته أن الإنسان إذا ملك ظاهر الأرض ملك إلى تخومها، كل ما تحته من أراضين فهي ملكٌ له، ويشهد