قُتِلَتْ (٩)} [التكوير: ٨، ٩]، هي لم تفعل شيئًا، ولكنها تسأل توبيخًا لمن فعلوا، فهنا:{أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} الاستفهام هنا للتوبيخ، توبيخ من جعلوا عيسى وأمه إلهين من دون الله.
وقوله:{أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} يقول علماء البلاغة: هناك فرق بين أن تقول: {أَأَنْتَ قُلْتَ} وبين أن تقول: "أقلت"، قالوا: إنه إذا وقع المستفهم عنه بعد همزة الاستفهام مصدرًا باسم، فالمطلوب به تعيين الفاعل، وإذا جاء الفعل بعد الهمزة، فالمقصود به تعيين الفعل الحادث، إذا قلت: أقام زيد؟ تستفهم عن الفعل الحادث، يعني: هل قام أو قعد، وإذا قلت: أزيد القائم؟ المراد تعيين الفاعل، {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي}، تعيين الفاعل.
وقوله:{أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي} أي: اجعلوني، {وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي: معبودين، وقوله:{مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي: من سوى الله عز وجل، وقد تأتي "دون" بمعنى أقل، لكن هنا بمعنى سوى، أي: من سوى الله عزّ وجل، كان جواب عيسى عليه الصلاة والسلام:{سُبْحَانَكَ} أي: تنزيهًا لك، أنزهك عما لا يليق بك، ولا يليق بالله أن يكون له شريك في العبادة، كما أنه ليس له شريكٌ في الملك، واعلم أن تنزيه الله عزّ وجل يكون عن شيئين: الأول: النقص، والثاني: المشابهة للمخلوقين، ومشابهة المخلوقين وإن كانت نقصًا لكن ينبغي أن ينص عليها بعينها، لئلا يظن ظان أن الكمال الذي للخالق يكون مثل الكمال الذي للمخلوق، والمخلوق مهما كان ناقصًا، فلا بد من تنزيه الله عن مماثلة المخلوق.
وقوله:{مَا يَكُونُ لِي} يعني: لا يمكن، فنفي الكون في مثل هذا، يعني أنه مستحيل، {أَنْ أَقُولَ} يعني: للناس، {مَا لَيْسَ