على الأذان في الحضر والسفر.
وفيه: أن الأذان والجماعة مشروعان على المسافرين. انتهى.
قلت: وفيه الرحلة لطلب العلم.
وفيه: جواز مفارقة المتعلم شيخَه لاشتياقه إلى أهله.
وفيه: رحمةُ الشيخ لتلميذه وإعانتُه له على مطلوبه بالإذن له فيما يرومُه من أمر الدنيا المباح.
وفيه: رحمة النبي صلى الله عليه وسلم ورقةُ قلبه.
وفيه: محبةُ الأهل والاشتياق إليهم.
وفيه: جواز ترك الأفضل لأجل المفضول. انتهى.
(١٨) بَابُ الأَذَانِ لِلْمُسَافِرِين، إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً، وَالإِقَامَةِ
أي هذا باب في بيان حكم الأذان للمسافرين، وأشار بهذه الترجمة إلى أن للمسافر أن يؤذن.
وقوله: (إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً) هو مقتضى أحاديث الباب، ولكن ليس فيها ما يمنع أذان المنفرد. وقد روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه كان يقول: إنما التأذين لجيش أو ركب عليهم أميرٌ فينادى بالصلاة فيجتمعوا لها، فأما غيرهم فإنما هي الإقامة.
وقوله: (لِلْمُسَافِرِين) بلفظ الجمع هو رواية الكُشْمِيهَني، وهو مناسب لقوله: (إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً)، وفي رواية الباقين: <لِلْمُسَافِرِ> بلفظ الإفراد، فيؤوَّل أن تكون الألف واللام فيه للجنس، وفيه معنى الجمع فحصلت المناسبة من هذا الوجه.
قوله: (وَالإِقَامَةِ) بالجر عطفا على الأذان.
قوله: (وَكَذَلِكَ بِعَرَفَةَ وَجَمْعٍ) أي: وكذلك الأذان والإقامة بعرفة وجمع، بفتح الجيم وسكون الميم، وهو المزدلفة، سميت بجمع لاجتماع الناس فيها ليلة العيد. وأما عرفة فإنها تطلق على التاسع من ذي الحجة، وعلى المكان وهو الموضع المعروف الذي يقف فيه الحجاج يوم عرفة.
ولم يَذكر في: جمع، حديثا، فكأنه اكتفى بحديث ابن مسعود الذي ذكره في كتاب الجمع، وفيه: أنه صلى المغرب بأذان وإقامة، والعشاء بأذان وإقامة، ثم قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله))، وكذلك لم يذكر في عرفة شيئًا، وكأنه أشار إلى حديث جابر الطويل أخرجه مسلم، وفيه: ((أن بلالًا أذَّن وأقام لَمَّا جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر يوم عرفة)).
قوله: (وَقَوْلِ المُؤَذِّنِ: الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ، فِي اللَّيْلَةِ البَارِدَةِ أَوِ المَطِيرَةِ) لفظ: (قَوْلِ) مجرور أيضًا عُطِفَ على قوله: (وَالإِقَامَةِ) وإلى هنا كله من الترجمة.
وقوله: (الصَّلَاةُ) بالنصب أي: أدُّوها، ويروى بالرفع على أنه مبتدأ وخبره قوله: (فِي الرِّحَالِ) تقديره: الصلاة تصلَّى في الرحال. وهو جمع رَحْل، ورحل الشخص.
قوله: (وَالمَطِيرَةِ) بفتح الميم، على وزن: فعيلة، بمعنى: الماطرة. وإسناد المطر إلى الليلة بالمجاز، إذ الليل ظرفٌ له لا فاعل، وللعلماء في: أنبت الربيع البقل، أقوال أربعة: مجاز في الإسناد، أو في أنبت، أو في الربيع - وسماه السكاكي: استعارة بالكناية -، أو المجموعُ مجازٌ عن المقصود، وذكر الإمام الرازي أنه المجاز العقلي، وإنما لم يجعل المطيرة بمعنى الممطور فيها لأن فعيلة إنما تُجعل بمعنى مفعولة