وفيه أنَّ المراد من قوله: (فأَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ) هو صلاة الظُّهر كما ذكرناه.
قلت: وفيه أنَّ النَّار مؤمنة؛ لقولها: (رَبِّ)، وفيه ردٌّ على من يقول بقدم العالم؛ لتصريح النَّار بأنَّ لها ربًّا ربَّاها. انتهى.
٥٣٨ - قوله: (حَدَّثَنا عُمَر بنُ حَفْص بنِ غِيْاثُ) أي ابن طَلْق بن معاوية، أبو حَفْص النَّخَعي الكوفي.
قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي) أي حَفْص المذكور.
قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ) أي سُلَيمان بن مِهْران.
قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا أَبو صَالِحٍ) أي ذكوان.
قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ) أي سعد بن مالك رضي الله عنه.
في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في أربع مواضع، وفيه العنعنة في موضع واحد، وفيه القول، وفيه رواية الابن عن الأب.
قوله: (قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ).
مطابقته ظاهرة.
قال العَيني: اختلف العلماء في الجمع بين هذه الأحاديث المذكورة وبين حديث خباب: ((شَكَوْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حَرَّ الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا)) رواه مسلم، فقال بعضهم: الإبراد رخصة والتقديمُ أفضل، وقال بعضهم: حديث خباب منسوخ بالإبراد، وإلى هذا مال أبو بكر الأثرم في كتابه «الناسخ والمنسوخ» وأبو جعفر الطَّحاوي وقال: وجدنا ذلك في حديثين، أحدهما حديث المغيرة: ((كُنَّا نُصَلِّي بَالهَاجِرَةِ، فَقَاَل لَنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَبْرِدُوا)) فبيَّن هذا أنَّ الإبراد كان بعد التهجير، وحديث أَنَس رضي الله عنه: ((إِذَا كَانَ البَرْدُ بَكِّرْ، وَإِذَا كَاَن الحَرُّ أَبْرِدْ)).
قال شيخنا: يُحمل حديث خباب على أنَّهم طلبوا تأخيرًا زائدًا على قدر الإبراد. وقال أبو عُمَر في قول خباب: ((فَلَمْ يَشْكُنَا)) : يعني لم يحوجنا إلى الشكوى، وقيل: لم يُزِلْ شكوانا، ويقال: حديث خَبَّاب كان بمكَّة، وحديث الإبراد بالمدينة، فإن فيه من رواية أبي هريرة، وقال الخلَّال في «عِلَلِه» عن أحمد: آخر الأمرين من رسول الله صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم الإبرادُ.
قوله: (تَابَعَهُ سُفْيَانُ) أي الثوري.
قال شيخنا: وقد وصفه المصنِّف في صفة النَّار من بدء الخلق ولفظه: (بِالصَّلَاةِ)، ولم أره من طريق سُفْيان بلفظ: (بِالظُّهْرِ)، وفي إسناده اختلاف على الثَّوْري، رواه عبد الرزَّاق عنه بهذا الإسناد فقال: عن أبي هريرة بدل أبي سعيد، أخرجه أحمد عنه والجَوْزَقي من طريق عبد الرزَّاق أيضًا، ثمَّ روي عن الذُّهْلي قال: هذا الحديث رواه أصحاب الأَعْمَش عنه عن أبي صالح عن أبي سعيد، وهذه الطريق أشهر، ورواه زائدة - وهو متقن - عنه فقال: عن أبي هريرة، قال: والطريقان عندي محفوظان؛ لأنَّ الثَّوْري رواه عن الأَعْمَش بالوجهين. انتهى.
قال العَيني: قوله: (تَابَعَهُ سُفْيَانُ) أي تابع حَفْص بن غياث والد عُمَر المذكور سُفْيان الثَّوْري، وقد وصله المصنِّف في صفة الصَّلاة عن الفِرْيابي عن سُفْيان بن سعيد.
قوله: (وَيَحْيَى) أي تابع حفصًا أيضًا يحيى بن سعيد القطَّان، وقد وصله أحمد في «مسنده» عنه بلفظ: (بالصَّلَاةِ)، ورواه الإسماعيلي عن أبي يعلى عن المُقَدَّمي عن يحيى بلفظ: (بِالظُّهْرِ)، وروى الخلال عن الميموني عن أحمد عن يحيى ولفظه: (فَوْحِ)، قال أحمد: ما أعرف أحدًا قال بالواو غير الأعمش.
قوله: (وَأَبُو عَوَانَةَ) أي تابع حفصًا أيضًا أبو عَوانة الوضَّاح بن عبد الله، قال شيخنا: لم أقف على من وصله