فعلِّمُوهُم فلْيُصلُّوا صلاةَ كذا في حين كذا، وصلاةَ كذا في حين كذا)). وفي إجازة خبر الواحد: فلمَّا ظن أنَّا قد اشتقنَا أهلَنا سألْنا عمن تركْنا بعدَنا، فأخبرناه، فقال: ((ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم، ومُرُوهُم - وذكر أشياء أحفظُها أو لا أحفظها - وصلُّوا كما رأيتموني أصلي)) الحديث. وفي باب رحمة الناس والبهائم نحوُه.
وعند أبي داود: ((كنَّا يومئذ متقارِبِين في العلم)). وفي رواية لأبي قلابة: فأين القرآن؟ قال: إنهما كانا متقارِبِين. وفي رواية ابن حزم: متقارنين، بالنون في الموضعين، من المقارنة. يقال: فلانٌ قرينُ فلان، إذا كان قرينَه في السِّنِّ، وكذا إذا كان في العلم. وقال القرطبي: يُحتمل أن تكون هذه الألفاظ المتعددة كانت في وِفادتين أو في وِفادةٍ واحدة، غير أن النقل تكرر منه، ومن النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.
فيه: قال شيخنا: استُدِلَّ بهذا على أفضلية الإمامة على الأذان وعلى وجوب الأذان وبيان خطأ من نقل الإجماع على عدم الوجوب، وسيأتي بقية الكلام على هذا الحديث في باب إذا استووا في القراءة، في أبواب الإمامة إن شاء الله تعالى. انتهى.
فيه: الأمر بالأذان للجماعة، وهو عامٌّ للمسافر وغيره، وكافة العلماء على استحباب الأذان للمسافر، إلا عطاء فإنه قال: إذا لم يؤذِّن ولم يُقِم أعاد الصلاة، وإلا مجاهدًا فإنه قال: إذا نسي الإقامة أعاد، وأَخَذَا بظاهر الأمر، وهو: أذِّنَا وأقيما. وقيل: الإجماع صارف عن الوجوب.
قال العيني: وفيه نظر، وحكى الطبري عن مالك أنه: يعيد إذا ترك الأذان، ومشهورُ مذهبه الاستحباب. وفي «المختصر» عن مالك: ولا أذان على مسافر، وإنما الأذان على من يُجتمَع إليه لتأذينه، وبوجوبه (١) على المسافر قال داود. قالت طائفة: هو مخيَّر، إن شاء أذَّنَ وأقام. روي ذلك عن علي رضي الله عنه، وهو قول عروة والثوري والنخعي. وقالت طائفة: تُجزئه الإقامةُ، رُوي ذلك عن مكحول والحسن والقاسم، وكان ابن عمر يقيم في السفر لكل صلاة إلا الصبح فإنه كان يؤذن لها ويقيم.
وقال قاضي خان من الحنفية: رجلٌ صلى في سفر أو في بيته بغير أذان وإقامة يُكره. قال: فالكراهة مقصورة على المسافر، ومَن صلَّى في بيته فالأفضل له أن يؤذِّنَ ويُقيمَ ليكون على هيئة الجماعة، ولهذا كان الجهرُ بالقراءة في حقِّه أفضل. وقال القرطبي في قوله: ((ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا)) يدل على تساويهما في شروط الإمامة، ورجَّحَ أحدهما بالسن.
قال العيني: لأن هؤلاء كانوا مُستوين في باقي الخصال، لأنهم هاجروا جميعًا، وأسلموا جميعًا وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولازموه عشرين ليلة، فاستوَوا في الأخذ عنه. فلم يبق ما يُقدَّم به إلا السن.
وفيه: حجة لأصحابنا - أي الحنفية - في تفضيل الإمامة على الأذان لأنه عليه السلام قال: ((لْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا)) خَصَّ الإمامةَ بالأكبر. انتهى.
وفيه: دليلٌ على أن الجماعة تصِحُّ بإمام ومأموم، وهو إجماع المسلمين.
وفيه: الحض على المحافظة
(١) في (الأصل) : ((وبجوبه)) والصواب ((وبوجوبه)).