للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن أسلم عاد ملكُه،

منحة السلوك

قوله: فإن أسلم تفصيلٌ لما قبله، أي: فإن أسلم المرتد عاد ملكه،


= بنفس الردة؛ لزوال العصمة بردته، فماله أولى.
والقول الثالث: لا يزول؛ لأن الكفر لا ينافي الملك، كالكافر الأصلي.
ويتفرع على هذه الأقوال: أنه يقضى من مال المرتد دين لزمه قبلها، وعلى القول الأظهر يوقف ملكه، فتصرفه الواقع منه في ردته، إن احتمل الوقف، كعتق، وتدبير، ووصية موقوف، إن أسلم نفذ. وإن مات مرتدًا لم ينفذ؛ لأن الوقف لا يضره. وبيعه، وهبته، ورهنه، وكتابته، ونحوها، مما لا يقبل الوقف باطلة. بناء على بطلان وقف العقود، وهو القول: الجديد، وفي القديم: هي موقوفة. بناءً على صحة وقف العقود، فإن أسلم حكم بصحتها وإلا فلا.
وعلى الأقوال السابقة عند الشافعية: يجعل ماله عند عدل يحفظه، وتجعل أمته عند امرأة ثقة، أو من يحل له الخلوة بها، كالمحرم؛ احتياطًا لتعلق حق المسلمين به، ويؤدي مكاتبُه النجوم إلى القاضي، حفظًا لها، ويعتق بذلك. وإنما لم يقبضها المرتد؛ لأن قبضه غير معتبر.
وعند الحنابلة: لا يحكم بزوال ملك المرتد بردته.
فعلى هذا إن قتل، أو مات، زال ملكه بموته. وإن رجع إلى الإسلام فملكه باقٍ له.
وعلى هذا: تصرفاته في ردته، بالبيع، والهبة، والعتق، والتدبير، والوصية، ونحو ذلك، موقوفة. إن أسلم تبينا أن تصرفه كان صحيحًا، فإن قتل، أو مات كان باطلًا. ويؤخذ مال المرتد فيجعل عند ثقة من المسلمين. وإن كان له إماء جعلن عند امرأة ثقة؛ لأنهن محرمات عليه فلا يمكن منهن، ومكاتبه يؤدي إلى الحاكم، ويعتق بالأداء، وإن تزوج لم يصح تزوجه؛ لأنه لا يقر على النكاح. وإذا وجد من المرتد سبب يقتضي الملك، كالصيد، والاحتشاش، والاتهاب، والشراء، وإيجار نفسه إجارة خاصة، أو مشتركة، ثبت الملك له؛ لأنه أهل للملك، ولذلك بقيت أملاكه الثابتة له.
والفرق بين قول أبي حنيفة، والحنابلة: أنه عند الحنفية إن مات، أو قتل ولم يدخل في الإسلام، زوال المال يكون من حين الردة.
أما عند الحنابلة: يزول بموته، بعد أن كان موقوفًا.
تبيين الحقائق ٣/ ٢٨٥، العناية ٦/ ٧٤، أقرب المسالك ص ١٧٥، أسهل المسالك =

<<  <  ج: ص:  >  >>