قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:[فصل فأما الأصلان: فأحدهما أن يقال: القول في بعض الصفات كالقول في بعض].
يقصد الشيخ هنا: القول في بعض الصفات من حيث التعطيل أو التأويل أو الإثبات، وعلى هذا يمكن أن نفسر العبارة بأنها: القول نفياً أو إثباتاً، والإثبات سواء كان على جهة الإثبات الشرعي، وهذا لا مجال لطرحه هنا؛ لأنه هو الأصل، وإنما المعروض هنا هو رأي المخالفين والرد عليهم.
إذاً: فالقول في بعض الصفات من حيث التعطيل والتأويل يسمى نفياً، أو من حيث الإثبات خاصة إثبات المشبهة، لاسيما الذين شبهوا بعض الصفات ولم يشبهوا البعض الآخر، فيدخل المشبهة في هذا المجال، وسيأتي لهذا عرض على وجه يحتاج إلى مزيد من التأمل في كلام الشيخ مستقبلاً، إذ إنه قد عد ممن أخطأ في الإثبات المعطلة أنفسهم والمؤولة؛ وهذا فعلاً من باب الإلزام الذي يلزم، إذ إن المعطلة والمؤولة إنما عطلوا وأولوا حينما شبهوا في أذهانهم، فهربوا من التشبيه، فيقول: إن تشبيهكم في بعض الصفات -الذي من أجله عطلتم- لابد أن يحكم جميع الصفات عندكم، ومن هنا تنسحب قاعدة التعطيل عندكم جميعاً، أو قاعدة التأويل عندكم جميعاً، وذلك كله حجة عليكم؛ لأن ما أثبتموه موجود فيما نفيتموه، وكذلك العكس: ما نفيتموه موجود فيما أثبتم.