أسماء الله ليست محصورة في تسعة وتسعين اسماً وضرورة الاكتفاء بما ورد من الأسماء في الكتاب والسنة
السؤال
هل أسماء الله عز وجل محصورة في مائة اسم، مع أن الحديث الذي ذكرها مفصلة لم يكن ثبوته كثبوت حديث:(إن لله تسعة وتسعين اسماً)؟
الجواب
على أي حال الشيء الذي تقتضيه النصوص، وقواعد الشرع، والعقول السليمة في حق الله عز وجل، وما فطر الله عليه أهل الحق من معرفة حق الله عز وجل في أسمائه وصفاته: أن أسماء الله لا يمكن حصرها أبداً، وأدلة ذلك قطعية، ومنها: حديث الشفاعة الذي فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه يوم القيامة بمحامد يلهمه الله إياها، وأيضاً حديث:(اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك).
فهذه الأحاديث بمجموعها متواترة المعنى، وتدل على أن أسماء الله عز وجل غير محصورة بما ذكر في الحديث، لكن أيضاً ينشأ عن هذا سؤالاً آخر، وهو: هل نحن عندما نثبت لله عز وجل الأسماء والصفات نكتفي بما جاء ذكره في الكتاب والسنة، أو ممكن أن نزيد عليها؟ إذا أخذنا باب التورع والأحوط والأسلم فلا يجوز أن نذكر لله عز وجل اسماً غير ما جاء في الكتاب والسنة؛ لأنه ليس لله أسماء غيرها وردت في الكتاب والسنة، بل إن غيرها من معاني الكمال التي تخطر على بال البشر، وما يتكلمون به، وما يمكن أن يعبروا عنه، لا تخرج عن هذه الأسماء والصفات الواردة في الكتاب والسنة، وليس ذلك بالنسبة لمداركنا؛ لأن أسماء الله محصورة، لكن ما خاطبنا الله به وما بينه رسوله صلى الله عليه وسلم من أسماء الله عز وجل فيه، كلما يمكن أن يخطر على البشر فيما أعطاهم الله من قدرات، وعلى هذا فلا يجوز أن ننشئ لله اسماً لم يرد في الكتاب والسنة، وإنما يأتي من باب الوصف والخبر، أي: أنه كلما يمكن أن يعبر عنه لله عز وجل من الكمالات فهو من باب الوصف والخبر، وما يمكن أن يستنبط منه اسم فيرد إلى الأسماء الموجودة؛ لأنها شاملة وكاملة، وبابها يندرج فيه كل كمال، مثل: الحي القيوم، العلي العظيم، واسم الجلالة:(الله) وذو الجلال والإكرام، فهذه الأسماء الجامعة يندرج فيها كل كمال يمكن أن يتوهمه بشر، سواء كان في قلوبهم أو في خيالاتهم أو في ألسنتهم أو عبروا عنه أو لم يعبروا عنه، فكل كمال يليق بالله عز وجل فإنه يندرج تحت ما جاء ذكره من الأسماء والصفات في الكتاب والسنة، وهذا هو الأسلم والمنهج الذي عليه عامة السلف.
فالعدد لا نستطيع أن نتحكم فيه، أما الأصول فلا شك أن لها أصولاً من حيث إنها كمال، ومن حيث إنها كلها حسنى، ومن حيث إنها كلها تدل على لوازم، وكلها تدل على الصفات والأفعال إلى آخره، ومنها المتعدي ومنها غير المتعدي إلى آخره، هذه قواعد معروفة عند أهل العلم أتت من استقراء الأسماء والصفات في الكتاب والسنة ومن تطبيق معاني اللغة العربية التي جاء بها القرآن والتي هي لسان النبي صلى الله عليه وسلم.
فمن حيث القواعد لا شك أن قواعد الكمال وقواعد الاحتياط وقواعد نفي النقص وأيضاً الدلالات اللغوية لمعاني أسماء الله وصفاته هي قواعد معتبرة ما لم تؤد إلى اشتباه.
وقوله صلى الله عليه وسلم:(إن لله تسعة وتسعين اسماً) ليس على سبيل الحصر؛ فإن الذي يفهم العربية لا يفهم من سياق النص الحصر، كما تقول مثلاً وأنت تملك آلاف الدراهم: عندي ألف درهم، فهذا لا يعني أن هذا كل ما تملكه، فيحتمل أنك تملك غيرها، إنما أردت أن تخبر عن حد معين لغرض معين.
فعلى أي حال ألفاظ الحديث لا تدل على الحصر، لكن ومع ذلك ربما سياق الحديث بهذه الصورة وبهذا العدد ربما يعني أن هذه الأسماء التسعة والتسعين شاملة لكل ما عداها، حتى من الأسماء الأخرى التي لم ترد، والله أعلم.