للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالباطل.

ولكنه أضاف الأموال إليهم جميعاً ليعلم كل فرد أن المال الذي في يده هو مال الأمة، وأن أموال الأفراد تكون الثروة العامة للأمة، فأبو قتادة حين دفع دين الميت المدين لم يزد على أن تصدق على ورثته بما يؤدي دينه، فإن كان هناك ثواب يرجى، وأجر يمنح، فهو لهذا المتصدق ولا شيء منه للميت إذ لا سعي له ولا عمل، وإن كان الميت سيء القصد، فاسد النية مات وهو مصر على عدم الوفاء، فإنّ وفاء أبي قتادة لا يغني عنه شيئاًً.

فبطل القول بأن في هذا انتفاع الميت بعمل غيره وثبت أن ليس للإنسان إلا ما سعى ولا يظلم ربك أحداً.

قال ابن تيمية: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن صلى وحده؛ ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه؟ قد حصل له فضل الجماعة بفعل الغير.

نقول: بل حصل له فضل الجماعة بنيته إذ لو بقي على نية الصلاة فإذاً لم يحصل له فضل الجماعة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى " ولو خرج من بيته يريد أن يصلي في المسجد في جماعة، فلم يجد أحداً واضطر أن يصلي منفرداً لكان له أجر نيته، ولو اكتظ المسجد بالمسلمين وصلوا كلهم أفذاذاً لم يكن لأحد منهم فضل الجماعة.

وإذاً لا يكسب فضل الجماعة إلا بالنية، ونية الرجل من كسبه وسعيه وعمله فلا يصح أن يقال: أن هذا حصل له فضل الجماعة بعمل غيره (والله يقول الحق وهو يهدي السبيل).

ثم قال ابن تيمية: الصلاة على الميت والدعاء له في الصلاة انتفاع للميت بصلاة الحي عليه، وهو عمل غيره.

ونقول: كلا بل انتفاعه بعمل نفسه، فلولا أنه من زمرة المسلمين ما

<<  <  ج: ص:  >  >>