(واسأل) أهل (القرية التي كنا فيها) أي قولوا لأبيكم اسأل القرية أي مصر، قاله قتادة وابن عباس، وقيل هي قرية من قرى مصر نزلوا فيها وامتاروا منها وجرى فيها حديث السرقة والتفتيش، قال المفسرون: المراد أهلها، وقيل المعنى واسأل القرية نفسها، وإن كانت جماداً فأنك نبي الله والله سبحانه سينطقها فتجيبك.
ومما يؤيد هذا أنه قال سيبويه: لا يجوز كلم هنداً وأنت تريد غلام هند؛ قيل والأول أولى لأن مثل هذا النوع من المجاز مشهور في كلام العرب، وتعقبه الحافظ ابن القيم في البدائع وقال إنما يضمر المضاف حيث يتعين ولا يصح الكلام إلا بتقديره للضرورة كما إذا قيل أكلت الشاة فإن المفهوم من ذلك أكلت لحمها فحذف المضاف لا يلبس ونظائره كثيرة وليس منه قوله تعالى (واسأل القرية) وإن كان أكثر الأصوليين يمثلون به فإن القرية اسم للسكان في مسكن مجتمع فإنما تطلق القرية باعتبار الأمرين كالكأس لما فيه الشراب، والذنوب للدلو الملآن ماء والخوان للمائدة إذا كان عليها طعام ونظائره.
ثم لكثرة استعمالهم هذه اللفظة ودورانها في كلامهم أطلقوها على السكان تارة وعلى المسكن تارة بحسب سياق الكلام وسباقه، وإنما يفعلون