للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن تيمية: إن المدين الذي امتنع الرسول صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه حتى قضى دينه أبو قتادة وقضى دين الآخر علي بن أبي طالب، وانتفع بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم وبردت جلدته بقضاء دينه وهو من عمل الغير.

ونقول: إن المدين الذي مات وعليه دين يقضي دينه مما ترك، إذ لا تركة إلا بعد وفاء الديون، فإن لم يكن له مال أصبح دينه في ذمة ورثته يجب عليهم أداؤه وهذا المدين إن كان قد استدان وفي نيته أداء الدين ولكن الموت أعجله عن الوفاء فلم يتح له الوفاء حتى مات، فلا إثم عليه. إذ لم يكن عدم الوفاء بتقصير منه، ولا بسبق نية وإصرار.

وإن كان قد استدان وهو عازم على ألا يوفي، فإن نية السوء هذه تلازمه منذ وصل مال الدائن إلى يده حتى لقي حتفه، وهو مؤاخذ بها ومسؤول عنها ولا يخليه من تبعتها أن الدين قد أداه عنه غيره، لأنه ليس مسؤولاً عن الدين فقط، بل عن نية الغدر والإتلاف أيضاًً، فلا يغني عنه أن غيره أدى عنه الدين.

ولكن الله تعالى لا يرضى أن تضيع الحقوق، فجعل الدين في ذمة الورثة يدفعونها إلى الدائن إن كانوا موسرين، فإن كانوا معسرين (فنظرة إلى ميسرة) وقد شدد الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم في أداء الدين، حتى لقد كان لا يصلي على المدين إذا مات ولم يخلف ما يقضي به دينه ليحمل جماعة المسلمين على أن يتضامنوا في أداء دينه حتى يظفر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على جنازته.

والشريعة الإسلامية سنت مبدأ التضامن الاجتماعي، والتكافل القومي وجعلت مال الشخص في يده يتصرف فيه بالمعروف كيف يشاء، ما لم تكن بجماعة المسلمين حاجة ماسة إليه فإذا مست إليه حاجتهم فهو مالهم جميعاً قال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) أي لا يأكل بعضكم مال بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>