[الآيات التي تتحدث عن الجنة في سورة الطور]
قال تعالى في سورة الطور: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ} [الطور:١٧ - ١٨]، أي: مرتاحين بنعمة الله عليهم، {وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور:١٨ - ١٩]، وكلمة (هنيئاً) أتى بها في هذه الآية لبيان أنه ليس في الأكل منغص أبداً، فإن الأكل لن ينفد ولن يسبب لصاحبه مغصاً أو أي نوع من أنواع التنغيص.
{مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ} [الطور:٢٠]، أي: موصولة ببعضها البعض؛ لأن الاجتماع مع الإخوان فيه سرور وفرح، ولذلك قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: (المسافر شيطان)؛ لأنه لوحده فيمكن أن يضله الشيطان في الطريق، لكن عندما يكون معه شخص آخر فإنه سيدله على الخير ويعينه على الصلاة.
{مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور:٢٠ - ٢١]، فنفرض أن الأسرة كلها صالحة ودخلت الجنة فكان الأب والأم في درجة عالية عن الأولاد أو العكس فالأولاد كانت أعمالهم طيبة لدرجة أنهم أخذوا درجة عالية أعلى من الأب والأم، وهذا قد يحصل في الدنيا.
ويريد أفراد الأسرة أن يأتلفوا ويجلسوا مع بعض كما كانوا في الدنيا، فيأذن الله للذين في الدرجة الأقل إلى الدرجة الأعلى، فيرفع الدني إلى العلي وليس فيها دني.
ولهذا يسأل أبو ذر الرسول عليه الصلاة والسلام: (يا رسول الله! كل من قال: لا إله إلا الله يدخل الجنة؟ فقال: نعم، قال: وإن سرق وإن زنى -فأعادها أبو ذر ثلاثاً- وفي الثالثة قال له رسول الله: وإن سرق وإن زنى رغم أنف أبي ذر).
{وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور:٢١]، أي ما أنقصنا من أجور أعمالهم شيئاً {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور:٢١].
{وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الطور:٢٢]، فليست ميتة، وهي طرية لم تمر عليها فترة كبيرة بعد ما ذبحت.
{يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ} [الطور:٢٣]، أي: لا تجعلهم آثمين، فالكأس لا يقال في اللغة العربية إلا عندما يكون مليئاً بالخمر، وليس المقصود بقوله: {يَتَنَازَعُونَ} [الطور:٢٣]، أن في الجنة نزاعاً ومضاربات، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يتنازعون البطيخ، أي يقومون بتناقلها من واحد إلى واحد والذي تسقط منه هو الذي يدفع ثمنها، وهذا نوع من الترفيه المشروع، ولكنهم كانوا رجالاً في الوغى وأي رجال.
{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} [الطور:٢٤]، يا سلام، الغلمان هم الخدم الذين في الجنة مثل: اللؤلؤ، فكيف يكون المخدوم؟! {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الطور:٢٥]، أي: أهل النعيم، {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} [الطور:٢٦]، أي: أنهم كانوا خائفين في الدنيا من الله.
{فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور:٢٧]، أبعدنا عن نار جهنم، {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور:٢٨]، وفي قراءة: {أَنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور:٢٨]، يعني: هو اللطيف الرحيم، اللهم كن براً بنا يا رب العالمين ورحيماً بنا.