للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أورد الخرائطي رحمه الله في مكارم الأخلاق عن الحسن البصري: "لا تصحب رجلاً يتكرم عليك فيفسد ما بينك وبينه - يعني من السفر". وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إذا سافرتم فاصحبوا ذوي الجود واليسر" (١).

ويستحب في اختيار الرفيق أن يكون الصديق المألوف به لأنه أعون له على مهماته، وأرفق به في أموره. (ثم قال) (٢): يحرص كل منهما على إرضاء رفيقه في جميع طريقه، ويحتمل كل منهما صاحبه، ويرى له فضلاً، وخدمة، ويصبر على ما يقع منه في بعض الأوقات.

(٩) استحباب التأمير في السفر إذا كانوا ثلاثة فأكثر:

نادى الشرع بالاجتماع وعدم التفرق، وحث على ذلك ورغب فيه، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ.

ولما كان السفر من الأمور التي يحصل بها الاجتماع والملازمة بين الناس، استحب للقوم المسافرون الذين يبلغون ثلاثة فأكثر أن يؤمروا أحدهم يسوسهم ويأمرهم بما فيه مصلحتهم، وعليهم الطاعة والاتباع ما لم يأمر بمعصية الله، فإن فعلوا ذلك حصل لهم من اجتماع الكلمة، وسلامة الصدور، ما يجعلهم يقضون حاجتهم من سفرهم دون منغصات أو مكدرات تحدث بينهم. وفي حث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تأمير الثلاثة في السفر لأحدهم تنبيهٌ منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الاجتماع الأعظم، والله أعلم.

(١٠) يستحب طلب الدعاء والوصية من أهل الخير والصلاح:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُسَافِرَ فَأَوْصِنِي قَالَ عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ فَلَمَّا أَنْ وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ اللَّهُمَّ اطْوِ لَهُ الْأَرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ.


(١) وعن معاذ بن جبل موقوفًا: قال: سافر مع ذوي الجود والميسر. أورده الهندي في كنز العمال (١٧٤٩٠) وأشار إلى أنه في مسند الفردوس عن معاذ. وهو في مجمع الزوائد (٥/ ٢٥٨).
(٢) في المخطوطة: "قال ثم" والصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>