للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المباح: فخروج المريض من الأرض الوخمة إلى النزهة (١)، وقد أذن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك للرعاء حين استوخموا المدينة (٢).

(ثانياً سفر الطلب):

سفر الطلب ينقسم أيضًا إلى واجب ومندوب وحرام ومكروه ومباح.

فالواجب: سفر الجهاد والحج وتحصيل القوت، لأن ما لا يتم (الواجب) (٣) إلا به فهو واجب.

والمستحب: السفر لطلب العلم والزيارة والعشرة والرباط (٤).

والحرام: سفر المعاصي (٥).

والمكروه: سفر الاستكثار من المال وغيره.

والمباح: سفر التنزه والتجارة، وكسب الزائد على القوت الذي لا ينتهي به إلى حد الطغيان للغنى.

حكم سفر السياحة:

قال الزركشي رحمه الله في الغرر السافر فيما يحتاج إليه المسافر:

وأما سفر السياحة لا لغرض، ولا إلى مكان مقصود فمنهي عنه، وقال الإمام أحمد: ما السياحة من الإسلام في شيء ولا من فعل النبيين ولا الصالحين. ولأن السفر مشتت للقلب، فلا ينبغي للمريد أن يسافر إلا في طلب علم أو مشاهدة شيخ يقتدي به. انتهى.

وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:


(١) الأرض النزهة: الفسيحة، البعيدة عن الوخم. "فتح الباري" (١٠/ ١٩٩).
(٢) روى الحديث البخاري (٥٧٢٧)، ومسلم (١٦٧١).
(٣) زدتها لأن الكلام لا يصلح إلا بها، ولعلها سقطت سهوًا من الناسخ.
(٤) ليست بهذا الأطلاق. فالسفر لطلب العلم الذي هو من الواجبات يلحق بالواجب لنفس القاعدة المذكورة. وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" رواه ابن ماجة (٢٢٤) والطبراني في الأوسط (١/ ١٦)، والكبير (١٠/ ٤٢٠)، وهو حديث صحيح مشهور جدًا، بل قال السيوطي: إنه متواتر. وله رسالة جمع فيها طرقه والفاظه وهي مطبوعة بتحقيق على الحلبي. وأما الزيارة فمنها الواجب ومنها المستحب. وأما الرباط فوجوبه في بعض الأحيان أظهر من أن يُستدل عليه.
(٥) وهو من أكثر أنواع السفر في زماننا، خاصة السفر إلى بلاد الكفر لأجل الفساد والفجور والسفر إلى منتجعات الخنا والديانة والعرى والبهيمية، وإلى مأوى الشياطين ومدن اللانسانية الحمقاء. وأن كان السفر لأمر آخر من تجارة أو تطيب أو غير ذلك، فإنه قلما يخلوا من الفساد. والأدلة في تحريم ذلك أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر. والله المستعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>