للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن موسى صلى روحه لله ... صلاةً كثيرةَ القُدُسِ

صار نبيًا، وأعْظِم بغيبته ... في جذوة للصلاةِ أو قبسٍ

وقال آخر:

أولى التغرب، ما ارتقى ... در البحور إلى النحور

(الفائدة الرابعة): وهي الآداب:

فلما يرى من الأدباء، ولقاء العلماء والعقلاء الذين لا يردون قطره، فيكتسب من أخلاقهم وخلايقهم، ويتحلى بفوائدهم وحقايقهم، كما قيل:

إذا أعجبتكَ خلالُ امرئٍ ... فكُنه، يكُنْ فيكَ ما تعجب

فليس على المجد والمكرمات ... إذا رُمتها حاجبّ يحَجب

(الفائدة الخامسة):: وهي صحبة الأمجاد:

فيشهد لها الحس والواقع، وصحبة الأمجاد ترفع المنقوص، وترقيه إلى رتبة أهل الخصوص، وتدخِلُهُ في زمرتهم، وتنسجه في لحمتهم، ولله در القائل:

نزلتُ على آل المهلب شاتيًا ... غريبًا عن الأوطان في زمن المَحْلِ

فما زالَ بي إحسانهم، وجميلهم ... وبرهمْ، حتى حسبتهُم أهلي

أورد الزركشي رحمه الله في الغرر السافر فيما يحتاج إليه المسافر عن الثعالبي قال:"من فضائل السفر: أن صاحبه يرى من عجائب الأمصار، ومن بدايع الأقطار، ومحاسن الآثار، ما يزيده علمًا بقدرة الله تعالى، ويدعوا شكرًا على نعمه".

وأورد الزركشي رحمه الله في الغرر السافر فيما يحتاج إليه المسافر عن المأمون قال: "لا شيء ألذّ من السفر في كفاية؛ لأنك كل يوم تحل محلة لم تحلها، وتعاشر قومًا لم تعاشرهم".

وأورد الزركشي رحمه الله في الغرر السافر فيما يحتاج إليه المسافر عن عنترة قال: "السفر يشدُّ الأبدان، وينشط الكسلان، ويشهي الطعام".

وأورد الزركشي رحمه الله في الغرر السافر فيما يحتاج إليه المسافر عن ابن رشيق قال: "كتب إلى بعض إخواني: مثل الرجل القاعد - أعزك الله - كمثل الماء الراكد إن ترك تغير، وإن ترك تكدر، ومثل المسافر كالسحاب الماطر، هؤلاء يدعونه رحمة، وهؤلاء يدعونه نقمة، فإذا اتصلت أيامه ثقل مقامه وكثر لوّامه، فأجمع لنفسك فرحة الغيبة، وفرحة الأوبة. والسلام".

وقالت الحكماء: "لا تدرك الراحة إلا بالتعب، ولا الرغبة إلا بالنصب".

وقال ابن شرف القيرواني:

وصيّر الأرض دارا والورى رحلا ... حتى ترى مقبلا في الناس مقبولا

ولهذه الفوائد أو بعضها أكثر الناس من الأسفار حتى قيل:

كريشة بمهب الريح ساقطة ... لا تستقر على حال من القلق

وقال ابن اللبان:

كأنما الأرض عني غير راضية ... فليس لي وطن فيها ولا وطر

وللسفر فوائد غزيرة غير ما سبق منها ما يلي:

<<  <  ج: ص:  >  >>