للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كان يقرأ على غيره ويتلقن فينبغي له أن يحسن الأدب في جلوسه بين يديه، ويتواضع في جلوسه، ويكون مقبلا عليه، فإن ضجر عليه احتمله، وإن زَبَرَه احتمله ورفق به، واعتقد له الهيبة، والاستحياء منه، وأحب أن يتلقن ما يعلم أنه يضبط، هو أعلم بنفسه، إن كان يعلم أنه لا يحتمل في التلقين أكثر من خمس خمس، فلا ينبغي أن يسأل الزيادة، وإن كان يعلم أنه لا يحتمل أن يتلقن إلا ثلاث آيات، لم يسأل أن يلقنه خمسا، فإن لقنه الأستاذ ثلاثا لم يزده عليها، وعلم هو من نفسه أنه يحتمل خمسا سأله أن يزيده، على أرفق ما يكون، فإن أبى لم يزده بالطلب، وصبر على مراد الأستاذ منه، فإنه إذا فعل ذلك، كان هذا الفعل منه داعيا للزيادة له ممن يلقنه إن شاء الله ولا ينبغي له أن يضجر من يلقنه فيزهو فيه، وإذا لقنه شكر له ذلك، ودعا له، وعظم قدره، ولا يجفو عليه إن جفا عليه، ويكرم من يلقنه إن هو لم يكرم، وتستحي منه إن كان هو لا يستحي منك، تلزم أنت نفسك واجب حقه عليك، فبالحري أن يعرف حقك؛ لأن أهل القرآن أهل خير وتيقظ وأدب يعرفون الحق على أنفسهم، فإن غفل عن واجب حقك، فلا تغفل عن واجب حقه، فإن الله عز وجل قد أمرك أن تعرف. أهـ

((حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ليس منا من لم يجل كبيرنا و يرحم صغيرنا! ويعرف لعالمنا حقه.

(٤) استحباب قراءة القرآن الكريم جماعة:

قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [النور: ٣٦]

و قال تعالى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) [الجن/١٨]

و قال تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [البقرة/١١٤]

فأضاف المساجد إليه؛ لأنها موضع ذكره.

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده.

قوله (يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم) يتلونه: يقرءونه و يتدارسونه أي: يدرس بعضهم على بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>