للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا لم يتحدث مع غيره وأنصت إليه أدركته الرحمة من الله، وكان أنفع للقارئ عليه وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن مسعود: (اقرأ علي «، قال: فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك أنزل؟، قال:» إني أحب أن أسمعه من غيري (١)

(وأحب لمن كان يقرئ أن لا يدرس عليه وقت الدرس إلا واحد، ولا يكون ثانيا معه فهو أنفع للجميع وأما التلقين: فلا بأس أن يلقن الجماعة، وينبغي لمن قرأ عليه القرآن فأخطأ عليه أو غلط، أن لا يعنفه وأن يرفق به، ولا يجفو عليه، ويصبر عليه، فإني لا آمن أن يجفو عليه فينفر عنه، وبالحري أن لا يعود إلى المسجد، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين (٢)»

(أورد الآجري رحمه الله تعالى في أخلاق حملة القرآن عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والحلم، وتواضعوا لمن تعلمون وليتواضع لكم من تعلمون، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم»

(قال الآجري رحمه الله تعالى في أخلاق حملة القرآن:

فمن كانت هذه أخلاقه انتفع به من يقرأ عليه ثم أقول: إنه ينبغي لمن كان يقرئ القرآن لله أن يصون نفسه عن استقضاء الحوائج ممن يقرأ عليه القرآن، وأن لا يستخدمه ولا يكلفه حاجة يقوم بها، وأختار له إذا عرضت له حاجة أن يكلفها لمن لا يقرأ عليه وأحب أن يصون القرآن على أن يقضى له به الحوائج، فإن عرضت له حاجة سأل مولاه الكريم قضاءها، فإذا ابتدأه أحد من إخوانه من غير مسألة منه فقضاها، شكر الله؛ إذ صانه عن المسألة والتذلل لأهل الدنيا، وإذ سهل الله له قضاءها، ثم يشكر من أجرى ذلك على يديه؛ فإن هذا واجب عليه

(أورد الآجري رحمه الله تعالى في أخلاق حملة القرآن عن ابن الربيع البوراني، قال: كنت عند عبد الله بن إدريس فلما قمت قال لي: سل عن سعر الأشنان، فلما مشيت ردني فقال: لا تسأل؛ فإنك تكتب مني الحديث، وأنا أكره أن أسأل من يسمع مني الحديث حاجة.

(وأورد الآجري رحمه الله تعالى في أخلاق حملة القرآن عن خلف بن تميم قال: مات أبي وعليه دين، فأتيت حمزة الزيات، فسألته أن يكلم صاحب الدين أن يضع عن أبي من دينه شيئا، فقال لي حمزة: ويحك إنه يقرأ علي القرآن، وأنا أكره أن أشرب من بيت من يقرأ علي القرآن الماء.


(١) رواه البخاري ومسلم
(٢) رواه البخاري

<<  <  ج: ص:  >  >>