للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث النعمان بن بشير الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: الحلال بين و الحرام بين و بينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه و دينه و من وقع في الشبهات وقع في الحرام كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا و إن لكل ملك حمى ألا و إن حمى الله تعالى في أرضه محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله ألا و هي القلب.

فالقلب ملك الأعضاء وهى المنفذة لما يأمرها به، القابلة لما يأتيها من هديه، ولا يستقيم لها شيء من أعمالها حتى تصدر عن قصده نيته، وهو المسئول عنها كلها، لأن كل راعٍ مسئول عن رعيته: كان الاهتمام بتصحيحه، وتسديده، أولى ما اعتمد عليه السالكون، والنظر في أمراضه وعلاجها أهم ما تنسك به الناسكون.

(ولما كان القلب يوصف بالحياة وضدها، انقسم بحسب ذلك إلى ثلاثة أقسام: القلب السليم، والقلب الميت، والقلب المريض.

(أولاً القلب السليم:

القلب السليم هو الذى لا ينجو يوم القيامة إلا مَنْ أتى الله تعالى به، كما قال تعالى: {يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشعراء: الآية: ٨٨ - ٨٩).

وقيل فى تعريفه: أنه الذي «قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه ومن كل شبهة تعارض خبره» فسلم من عبودية ما سواه، وسلم من تحكيم غير رسوله، فخلصت عبوديته لله تعالى، إرادة ومحبة، وتوكيلاً، وإنابة، وإخباتاً وخشية، ورجاء، وخلص عمله لله، فإن أحب أحب فى الله، وإن أبغض أبغض في الله، وإن أعطى أعطى لله، وإن منع منع لله، ولا يكفيه هذا حتى يسلم من الإنقياد والتحكيم لكل مَنْ عدا رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيعقد قلبه معه عقداً محكماً على الإتمام والإقتداء به وحده، دون كل أحد فى الأقوال والأعمال، فلا يتقدم بين يديه بعقيدة ولا قول، ولا عمل، قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (الحجرات: ١).

(ثانياً القلب الميت:

<<  <  ج: ص:  >  >>