للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولذلك تجد كثيرا من المشكلات بين الناس، وبالأخص بين طلبة العلم، سببها أمراض تعتري القلوب، ولا تبنى على حقائق شرعية، فهذه المشكلات تترجم أحوال قلوب أصحابها، وما فيها من أمراض مثل: الحسد، والغل، والكبر، والاحتقار، وسوء الظن ... إلخ، وسبيل حلها الأمثل هو علاج هذه القلوب؟ وإلا فالمرض سيظهر بين حين وآخر كلما ظهرت دواعيه.

ونظرة إلى واقع المجتمع، وما يحدث فيه بين الناس من مشكلات اجتماعية، وخصومات في الحقوق والأموال تثبت صحة ذلك.

ثم إن أقوال القلب -وهي تصديقاته وإقرارته-، وأعماله وحركاته من: خوف ورجاء ومحبة وتوكل وخشية وغيرها. هي أعظم أركان الإيمان عند أهل السنة والجماعة، وبتخلفها يتخلف الإيمان. وها هم المنافقون يقولون الشهادة بألسنتهم، ويشاركون المسلمن في أعمالهم الظاهرة، ولكنهم بتخلف إقرارهم وتصديقهم كانوا (فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا) [سورة النساء، الآية: ١٤٥].

(حراسة القلب من التعرض بالشواغل والفتن:

اعلم أن القلب في أصل الوضع سليم من كل آفة والحواس الخمس توصل إليه الأخبار فترقم في صفحته.

فينبغي أن يستوثق من سد الطرق التي يخشى عليه منها الفتن فإنه إذا اشتغل بشيء منها أعرض عما خلق له من التعظيم للخالق والفكر في المصالح.

ورب فتنة علق به شباكه فكانت سببا في هلاكه.

وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

غزا نبي من الأنبياء، فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة، وهو يريد أن يبني بها، و لم يبن بها.

[*] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح:

والغرض هنا من ذلك أن يتفرغ قلبه للجهاد ويقبل عليه بنشاط لأن الذي يعقد عقده على امرأة يبقى متعلق الخاطر بها بخلاف ما إذا دخل بها فإنه يصير الأمر في حقه أخف غالبا.

(أنواع القلوب وأقسامها:

لما كان القلب لهذه الأعضاء كالملك المتصرف في الجنود، الذي تصدر كلها عن أمره، ويستعملها فيما شاء فكلها تحت عبوديته وقهره، وتكتسب منه الاستقامة والزيغ، وتتبعه فيما يعقده من العزم، أو يحله لأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسدُ كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب بنص السنة الصحيحة:

<<  <  ج: ص:  >  >>