للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ضمن الأمثلة أيضاً معاملة من ماله مختلط، رجل يرابي ويبيع ويشتري، عنده حلال وحرام، فقال العلماء إذا كان أكثر ماله الحرام قال الإمام أحمد: ينبغي أن يجتنبه إلا أن يكون يسيراً أو لا يُعرَف، والحرام غير معيّن وليس معروفاً، فيجوز الأكل والورع تركه.

وقال الزهري: لا بأس أن يُؤكل منه ما لم يعرف أنه حرام بعينه.

وقال سفيان: تركه أعجبُ إليّ.

وقال الإمام أحمد في المال المشتبه حلاله بحرامه: إن كان المال كثيراً أخرج منه قدر الحرام وتصرّف في الباقي، وإن كان المال قليلاً اجتنبه كله، وهذا لأن القليل إذا تناول منه شيئاً فإنه تبعد معه السلامة من الحرام.

ورخّص قومٌ من السلف في الأكل ممن يُعلَم في ماله حرام ولكن لا يُعلَم على التعيين ما هو الحرام،

وفصل الخطاب في هذه المسألة: يجوز معاملة من ماله مختلط إذا ما علمنا الحرام أين بالضبط والورع ألا يأخذ منه.

وكذلك فإن الاستبراء للدين مهم جداً في حياة الدين المسلم، والإنسان قد لا يشبع من الشبهة وقال الثوري رحمه الله في الرجل يجد في بيته الأفلس والدراهم: أحب إليّ أن يتنزّه عنها إذا لم يدري من أين هي.

ولا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع مالا بأس به حذراً مما به بأس.

ومن تمام التقوى أن يتقِ الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة،

[*] قال الحسن: مازالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام،

[*] وقال الثوري: إنما سمّوا المتقين لأنهم اتقوا مالا يُتّقى.

[*] وقال ابن عمر: إني لأحب أن أدع بيني وبين الحرام سترة من الحلال لا أخرقها. [*] وقال سفيان بن عيينة: لا يصيب عبد حقيقة الإيمان حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزاً من الحلال وحتى يدع الإثم وما تشابه منه.

فإن الإثم ما حاك في الصدر وكرهت أن يطّلع عليه الناس بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:

(حديث النواس ابن سمعان في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك و كرهت أن يطلع عليه الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>