وكذلك فإن الشيء قد يجتمع فيه أحياناً سبب للحل وسبب للحرمة، فيتركه الإنسان فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علّمنا عن أمور الأصل فيها الحظر كالأبضاع ولحوم الحيوان فلا تحل إلا بيقين، ولو حصل تردد مثل اجتماع سبب حاظر ومبيح نبقى على الأصل فيها وهو التحريم، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في من أطلق كلبه على صيدٍ فلما جاء ليمسك بالصيد وجد عنده كلباً آخر لا يدري الذي أمسك كلبه أو الكلب الآخر، فإذا كان الكلب المعلَّم يجوز صيده، ومعنى ذلك أن الصيد غير المعلَّم لا يجوز صيده، فماذا يفعل إذا وجد مع الفريسة كلباً آخر لا يدري كلبه الذي صاد أو الكلب الآخر كما في الحديث الآتي:
(حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قال: سألت النبي عن المِعْرِاض، فقال:(إذا أصاب بِحَدِّه فَكُل، وإذا أصاب بِعَرَضِه فقُتِل عدي بن حاتم رضي الله عنه فلا تأكل). فقلت: أرسل كلبي؟ قال: إذا أرسلت كلبك وسمَيْت فَكُل، قلت فإن أكل؟ قال: فلا تأكل فإنه لم يُمسك عليك إنما أمسك على نفسه، قلت أرسل كلبي فأجد معه كلبا آخر؟ قال:(فلا تأكل، فإنك سمَّيت على كلبك ولم تسم على الآخر).
، وصل إلى الصيد الذي صاده وقع في الماء فلا يدري هل قتل بالسهم أو قتل بالغرق، الأصل يجوز الأكل مادام السهم أو البندقية خرقت وخزقت وسمّى الله على البندقية وأطلق ولكن وقوع الطائر في الماء يجعله في ريبة هل موت الطائر بفعل الرمية التي رماها أم الغرق فيتركه كما في الحديث الآتي:
(حديث عدي ابن حاتم رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله، فإن وجدته قُتل فكل إلا أن تجده قد وقع في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك.
مسألة: لو جاء رجل لأرض أو سجادة وقال لنفسه هذا رجل لديه أبناء قد يكونون بالوا عليها، فأنا لن أصلي عليها، تورّع عن الصلاة عليها فما حكم هذا التورّع، هل هو شرعي أم لا؟
الجواب: هذا تورع غير شرعي لأنه خالف الأصل بدون أي قرينة، والأصل في الأشياء الطهارة، فيكون هذا ورعاً فاسداً.
فسّر الإمام أحمد رحمه الله الشبهة بأنها منزلة بين الحلال والحرام –يعني الحلال المحض والحرام المحض-وقال من اتقاها فقد استبرأ لدينه، وفسرها تارة باختلاط الحلال والحرام.