قال تعالى:(({لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا}[النساء: ١٢٣] ليس الإيمان بالتمنّي ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل الحسن.
والرجاء ضروري للسائر إلى الله والعابد لو فارقه لحظة تلف أو كاد يتلف لأن المسلم يدور ما بين ذنب يرجو غفرانه، وعيب يرجو إصلاحه، وعمل صالح يرجو قبوله، واستقامة يرجو حصولها و ثباتها، وقرب من الله يرجو الوصول إليه، لذلك كان الرجاء من أقوى الأسباب التي تعين المرء على السير إلى ربه والثبات على الدين، وهذا زمن الفتن والشهوات والمحن والشبهات.
(الرجاء ضد اليأس:
الرجاء الذي هو ضد اليأس، واليأس هو تذكر فوات رحمة الله وقطع القلب عن التماسها وهو معصية {يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف: ٨٧] قالها يعقوب عليه السلام لأبنائه ..
[*] (درجات الوصول إلى تحقيق الرجاء:
(١) ذكر سوابق فضل الله على العبد، وأن الله له علينا فضائل سابقة ..
(٢) ذكر وعد الله من جزيل ثوابه وعظيم كرمه وجوده بدون سؤال من العبد استحقاق فإن الله يعطي بدون أن يكون العبد مستحقاً إذا استقام الإنسان.
(٣) أن تذكر نعم الله عليك في أمر دينك وبدنك ودنياك في الحال (الآن) وأن يمدك بالألطاف والنعم من غير استحقاق ولا سؤال.
(٤) ذكر سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه وأنه الرحمن الرحيم الغني الكريم الرؤوف بعباده المؤمنين لذلك تحقيق الرجاء يقوم على معرفة أسماء الله وصفاته.
وقد علم أرباب القلوب أن الدنيا مزرعة الآخرة والقلب كالأرض لابد لها من بذر وكذلك لابد للقلب من طاعات والأرض لابد لها من تعاهد وسقي بالماء وحفر أنهار وسوق الماء إليها وكذلك القلب لابد له من تعاهد وأن يسقى بماء الطاعة والعبادة وكذلك الأرض تحتاج حتى تنبت إلى صيانتها عن الأشياء الضارة، وترى المزارع ينتقي الدغل فينتزعه من أرض حتى لا يؤذي زرعه والمؤمن ينقي قلبه من أي شبهة وشهوة حتى لا تفسد عليه زروع الطاعة التي سقاها بماء العبودية ..