للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: الخوف الطبيعي والجبلي؛ فهذا في الأصل مباح، لقوله تعالى عن موسى:) فخرج منها خائفاً يترقب وقوله عنه أيضاً:) رب إني قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون (، لكن إن حمل على ترك واجب أو فعل محرم؛ فهو محرم، وإن استلزم شيئاَ مباحاً كان مباحاً، فمثلاً من خاف من شيء لا يؤثر عليه وحمله هذا الخوف على ترك صلاة الجماعة مع وجوبها؛ فهذا الخوف محرم، والواجب عليه أن لا يتأثر به.

وإن هدده إنسان على فعل محرم، فخافه وهو لا يستطيع أن ينفذ ما هدده به، فهذا خوف محرم لأنه يؤدي إلى فعل محرم بلا عذر، وإن رأى ناراً ثم هرب منها ونجا بنفسه؛ فهذا خوف مباح، وقد يكون واجباً إذا كان يتوصل به إلى إنقاذ نفسه.

{تنبيه}: (أنه يجب على المرء أن يجعل الخوف من الله فوق كل خوف، وأن لا يبالي بأحد في شريعة الله تعالى، وأن يعلم أن من التمس رضا الله تعالى وإن سخط الناس عليه؛ فالعاقبة له، وإن التمس رضا الناس وتعلق بهم وأسخط الله؛ انقلبت عليه الأحوال، ولم ينل مقصوده بل حصل له عكس مقصوده، وهو أن يسخط الله عليه ويسخط عليه الناس.

(حديث عائشة في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس و من التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: من خاف الله تعالى لم يضره شيء ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد. وسألله عبد الله بن مالك، فقال: يا أبا علي ما الخلاص مما نحن فيه؟ فقال له: أخبرني من أطاع الله عز وجل هل تضره معصية أحد؟ قال: لا، قال: فمن عصى الله سبحانه وتعالى هل تنفعه طاعة أحد؟ قال: لا، قال: فهو الخلاص إن أردت الخلاص.

(تعريف الرجاء:

مسألة: ما هو الرجاء؟

الرجاء هو ارتياح القلب وابتهاجه لتوقع محمود في المستقبل، وهذا المحمود قام العبد بما يجب عليه نحوه ولم يبقى إلا فضل الله سبحانه لحصول هذا المأمول، والرجاء حادٍ يحدو القلوب إلى بلاد المحبوب (الجنة).

قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر: الآية ٥٣).

وقوله عز وجل: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} (الرعد: من الآية ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>