للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَيْ أَنَّ كَثْرَةَ مَا فِيهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَدْ أَثْقَلَهَا حَتَّى أَطَّتْ, وَهَذَا مَثَلٌ وَإِيذَانٌ بِكَثْرَةِ الْمَلَائِكَةِ, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ أَطِيطٌ وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ تَقْرِيبٍ أُرِيدَ بِهِ تَقْرِيرُ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى, انْتَهَى، قَالَ الْقَارِي: مَا الْمُحْوِجُ عَنْ عُدُولِ كَلَامِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْحَقِيقَةِ إِلَى الْمَجَازِ مَعَ إِمْكَانِهِ عَقْلًا وَنَقْلًا حَيْثُ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ: {وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ} (١) مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَطِيطُ السَّمَاءِ صَوْتُهَا بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّقْدِيسِ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ

(وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ فِرَاشٍ

(ولَخَرَجْتُمْ) أَيْ مِنْ مَنَازِلِكُمْ (إِلَى الصُّعُدَاتِ) بِضَمَّتَيْنِ أَيِ الطُّرُقِ وَهِيَ جَمْعُ صُعُدٍ وَصُعُدٌ جَمْعُ صَعِيدٍ كَطَرِيقٍ وَطُرُقٍ وَطُرُقَاتٍ وَقِيلَ هِيَ جَمْعُ صُعْدَةٍ كَظُلْمَةٍ وَهِيَ فِنَاءُ بَابِ الدَّارِ وَمَمَرُّ النَّاسِ بَيْنَ يَدَيْهِ, كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالصُّعُدَاتِ هُنَا الْبَرَارِيُّ وَالصَّحَارِي

(تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ) أَيْ تَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ بِالدُّعَاءِ لِيَدْفَعَ عَنْكُمُ الْبَلَاءَ.

(فالخوف إذا باشر قلب العبد فاض أثره على الجوارح وظهر، وليس أنه كان شيئاً سريعاً وذهب ..

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ما رأيت مثل النار نام هاربها ولا مثل الجنة نام طالبها.

[*] قال لعلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:

(نَامَ هَارِبُهَا) حَالٌ إِنْ لَمْ تَكُنْ رَأَيْتُ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ وَإِلَّا فَهُوَ مَفْعُولٌ ثَانٍ


(١) - الترمذي الزهد (٢٣١٢) ,ابن ماجه الزهد (٤١٩٠) ,أحمد (٥/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>