للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نداءٌ لمن تأخر عن الركب .. ولا يزال يرى القافلةَ تسيرُ إلى الخير .. هل من مشمر قبل الندم والبكاء؟! الله جلَّ وعزَّ يقول: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً [النور:٣١] فهل من مشمر؟! ويقول: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا [الزمر:٥٣] فهل من مشمر؟!

شمر مادام البابُ مفتوحاً .. وعجل .. فَرُبَّ متمهل فاتتهُ حاجتهُ ..

أخي .. أختي .. إن أمامكم أفقاً وآسعاً .. أفقاً جميلاً .. نعم إنه أفق رحمة الله .. أفق .. التوبة .. إن التائب حبيبُ الله .. يقول جلَّ وعزَّ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ [البقرة:٢٢٢] فهل من مشمر؟!

(ندموا على الذنوب فندبوا، وسافروا إلى المطلوب فاغتربوا، وسقوا غرس الخوف دمع الأسف وشربوا، فإذا أقلقهم الحذر طاشوا وهربوا، وإذا هب عليهم نسيم الرجاء عاشوا وطربوا، فتأمل أرباحهم وتلمح ما كسبوا،

(نظروا إلى الدنيا بعين الاعتبار فعلموا أنها لا تصلح للقرار، وتأملوا أساسها فإذا هو على شفا جرف هار، فنغصوا بالصيام لذة الهوى بالنهار، ولزموا الاستغفار بالأسحار.

(هجروا المنازل الأنيقة وفصموا عرى الهوى الوثيقة، وباعوا الفاني بالباقي وكتبوا وثيقة، وحملوا نجائب الصبر فوق ما هي له مطيقة، وطلبوا الآخرة والله على الحقيقة.

(أبدانهم قلقي من الجوع والضرر، وأجفانهم قد حالفت في الليل السهر، ودموعهم تجري كما يجري دائمة المطر، والقوم قد تأهبوا فهم على أقدام السفر، عبروا عليكم ومروا لديكم وما عندكم خبر.

(لو تأملت دعواهم: يا رب سر بنا في سرب النجابة ووفقنا للتوبة والإنابة وافتح لأدعيتنا أبواب الإجابة يا من إذا سأله المضطر أجابه.

(رحم الله عبداً اقترف فاعترف، ووجل فعمل، وحاذر فبادر، وعمر فاعتبر وأجاب فأناب، وراجع فتاب، وتزود لرحيله وتأهب لسبيله.

(أين المعترف بما جناه، أين المعتذر إلى مولاه، أين التائب من خطاياه، أين الآيب من سفر هواه، نيران الاعتراف تأكل خطايا الاقتراف، مجانيق الزفرات تهدم حصون السيئات، مياه الحسرات تغسل أنجاس الخطيئات، يا طالب النجاة دم على قرع الباب، وزاحم أهل التقى أولي الألباب.

(إذا تبت من ذنوبك، فاندم على عيوبك، وامح بدموعك قبيح مكتوبك، والبس جلباب الفرق وتضرع على باب القلق وقل بلسان المحترق.

<<  <  ج: ص:  >  >>