للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخي الكريم .. أختي الكريمة .. لقد كان الفضيل بن عياض قاطعاً للطريق .. وكان يتعشقُ جاريةً .. فبينما هو ذات ليلة يتسور ُعليها الجدار إذ سمع قارئاً يقرأ قول الله جلَّ وعزَّ: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ [الحديد:١٦] .. فأطرق ملياً .. ثم تذكر غدراته وذنوبه .. تذكر إسرافه .. فما كان منه إلا أن ذرف دموع التوبةِ من عينٍ ملؤها اليقينُ برحمة الله .. ، فتاب واقلع عما كان عليه حتى أصبح من أهل الخير والصلاح في زمنه.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن الفضل بن موسى قال كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس وكان سبب توبته أنه عشق جارية فبينا هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع تاليا يتلو " (أَلَمْ يَأْنِ لِلّذِينَ آمَنُوَاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللّهِ وَمَا) [الحديد: ١٦] " فلما سمعها قال بلى يا رب قد آن فرجع فآواه الليل إلى خربة فإذا فيها سابلة فقال بعضهم نرحل وقال بعضهم حتى نصبح فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا، قال: ففكرت وقلت أنا أسعى بالليل في المعاصي وقوم من المسلمين ها هنا يخافوني وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع اللهم إني قد تبت إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام.

قال الإمام الذهبي تعليقا على القصة:

وبكل حال: فالشرك أعظم من قطع الطريق، وقد تاب من الشرك خلق صاروا أفضل الأمة، فنواصي العباد بيد الله، وهو يضل من يشاء، ويهدي إليه من أناب.

واتق الله فتقوى الله ما ... جاورت قلبَ امرئٍ إلا وصل

ليس من يقطعُ طرقاً بطلاً ... إنما من يتقِ الله البطل

وبعد هذا .. أخي .. أختي هل من مشمِّر؟! .. هل من مشمر للتوبة؟!

شمر عسى أن ينفعَ التشميرُ ... وانظر بفكرك ماإليه تصيرُ

نعم .. هناك مشمرون .. ولكن إلى أين؟!

مسارعةٌ للخطى وتقويةٌ للعزائم وحثٌ للنفوس .. إنها خطوات في الطريق .. إلى هناك .. حيث الموقف العظيم .. ثم - برحمة الله - إلى روح وريحان ورب غير غضبان ..

نستدرك بالتشمير إلى الخير تقصيرنا .. ونعوض بالسير القويم تكاسلنا وتأخرنا .. فهل من مشمر؟!

كل يوم في طريق .. وكل حين في سبيل .. خطوات متسارعة .. وقفزاتٌ متتابعة نسُدُّ الفُرَج ونُغلق الثُلَم .. نحصنُ ديارنا .. ديار التوحيد .. فهل من مشمر؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>