الأخبار وصيارفة الرجال بانه أخباري تالف لا يوثق به. نقل الحافظ الذهبي في (ميزان الاعتدال) عن حافظ إيران ورأس المحققين من رجالها أبي حاتم الرازي رحمه الله أنه تركه وحذر الأمة من أخباره، وأن الدارقطني أعلن ضعفه، وأن ابن معين حكم عليه بأنه ليس بثقة، وان ابن عدي وصفه بأنه «شيعي محترق».
ومن براعة هؤلاء المغرضين في تحريف الوقائع ودس أغراضهم فيها، وتوجيهها بحسب أهؤائهم، لا كما وقعت بالفعل، أنهم كانوا يعمدون إلى حادثة وقعت بالفعل فيرددون منها ما كان يعرفه الناس، ثم يلصقون بها لصيقا من الكذب والإفك يوهمون أنه من أصل الخبر ومن جملة عناصره، فيأتي الذين بعدهم فيجدون الخبر القديم مختصرا فيحكمون عليه أنه ناقص، ويقولون «من حفظ حجة على من لم يحفظ» ويتناولون الخبر ما لصق به من لصيق مفترى، حتى تكون الرواية الجديدة وما في بطنها من جنين الإثم هي المتداولة بين الناس. وقد يعمد هؤلاء المغرضون إلى موهبة من مواهب النبوغ عرف بها أحد أبطال التاريخ الإسلامي وعظماء الدعاة الفاتحين، لم يعرف عنه استعمالها إلا في سبيل الحق والخير، فيطلعون على الناس بأكاذيب يرتبونها على تلك الوهبة، ويوهمون أن رجل الحق والخير الذي حلاه الله بتلك الموهبة ولم يستعملها إلا في نشر دين الله وتوسيع نطاق الوطن الإسلامي، وقد انقلب بزعمهم مع الزمن، وسخر نبوغه للباطل والشر، فإذا أخذ المحققون في تمحيص ذلك وتحري مصادر هذه التهم التي لا تلتئم مع ما تقدمها من سيرة ذلك البطل المجاهد، وجدوها من بضاعة الكذابين ومفترياتهم، ولكن قلما يجدى ذلك بعد أن يكون «قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا».
هذا أبو عبد الله عمرو بن العاص بن وائل السهمي بطل أجنادين، وفاتح مصر، وأول حاكم ألغى نظام الطبقات فيها، وكان السبب الأول في عروبتها وإسلام أهلها وشريك مسلميها في حسناتهم من زمنه إلى الآن لأنه الساعي في دخولهم في الإسلام - هذا الرجل العظيم عرفه التاريخ بالدهاء ونضوج العقل وسرعة البادرة، وكان نضوج عقله سبب انصرافه