الحمد لك اللهم لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.
اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد وعلى أزواج سيدنا محمد، وسلم تسليما كثيرا.
وبعد فإن الإسلام امتاز على أنظمة الدين والدنيا جميعا بكماله، ووفائه بحاجة المجتمع الإنساني ليكون به سعيدا في كل زمان ومكان، كما أمتاز بحفظ الله له - في أصليه الأصيلين: القرآن الحكيم والحديث النبوي - بما لم يسبق له نظير في كل هداية عرفها البشر.
والمسلمون الأولون - الذين تولى الهادي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - تربيتهم وتوجيههم وإعدادهم للاضطلاع بمهمة الإسلام العظمى - كانوا المثل الكامل للعمل بالإسلام: في إيمانهم، وطاعتهم لله، وأخلاقهم الكريمة، وسياستهم الحكيمة، وفتوحهم الرحيمة، وتكوينهم المجتمع الإسلامي الصالح، والدولة الإنسانية المثاليّة. وقد كافأهم الله على ذلك بانتشار رسالته على أيديهم، وذيوع دعوته بين الأمم اقتداء بهم، واتباعا لهم.
ولما تخطت رسالة الإسلام حدود الجزيرة العربية المباركة - فدخلت العراق وإيران شرقا، والشام شمالا، ومصر وإفريقية غربا - كان ذلك سعادةً للخيار من أهل البلاد المفتوحة، وغذاء لعقولهم، وبهجةً وحبورا تطمئن بهما قلوبهم. وشجى للأشرار منهم، وغصةً في حلوقهم، ومبعث إحنةٍ وغلٍّ تسمّمت بهما دماؤهم وأرواحهم.