باسم (الشيعة)، ولم يقع نظري على اسم للشيعة في حياة علي كلها إلا في هذا الوقت سنة ٣٧هـ. ومن الظواهر التي تسترعي الأنظار في تاريخ هذه الفترة أن الغلاة من الفريقين - فريق الشيعة وفريق الخوارج - كانوا سواء في الحرمة للشيخين أبي بكر وعمر - رضي الله عنه -، تبعا لما كان عليه أمير المؤمنين علي نفسه، وما كان يعلنه على منبر الكوفة من الثناء عليهما والتنويه بفضلهما. أما الخوارج فإنهم والإباضية ظلوا على ذلك لم يتغيروا أبدا، فأبو بكر وعمر كانا عندهم أفضل الأمة بعد نبيها، استرسالا منهم فيما كانوا عليه مع علي قبل أن يفارقوه. وأما الشيعة فإنهم عند ما جددوا بيعتهم لعلي بعد خروج الخوارج إلى حروراء والنهروان قالوا له أولا:«نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت». فشرط لهم كرم الله تعالى وجهه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أى أن بوالوا من والى على سنة رسول الله ويعادوا من عادى على سنته - صلى الله عليه وسلم -. فجاءه ربيعة بن أبي شداد الخثعمي - وكان صاحب راية خثعم في جيش علي أيام الجمل وصفين - فقال له علي:«بايع على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -» فقال ربيعة: «وعلى سنة أبي بكر وعمر» فقال علي: «ولو أن أبا بكر وعمر عملا بغير كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكونا على شيء من الحق» أي أن سنة أبي بكر وعمر إنما كانت محمودة ومرغوبا فيها لأنها قائمة على العمل بكتاب الله وسنة رسوله، فبيعتكم الآن على كتاب الله وسنة رسوله تدخل فيها سنة أبي بكر وعمر.
هكذا كان أمير المؤمنين علي من أخويه وحبيبه خليفتي رسول الله أبي بكر وعمر في حياته كلها، وهكذا كانت شيعته الأولى: من خرج منهم عليه، ومن جدد البيعة له بعد التحكيم.
وحكاية التحكيم هذه كانت مادة دسمة للمغرضين من مجوس هذه الأمة أتاحت لهم دس السموم في تاريخنا على اختلاف العصور، وأول من شمر عن ساعديه للعبث بها وتشويه وقائعها أبو مخنف لوط بن يحيى، ثم خلف خلف بعد أبي مخنف بلغوا من الكذب ما جعل أبا مخنف في منزلة الملائكة بالنسبة إلى هؤلاء الأبالسة، وأبو مخنف معروف عند ممحصي