الديار الرومية (١)، فنفي وأثبت محبوسا في تكرلي طاغ، وأرغم بموته هناك أنف كل طاغ.
وأما الباب ففتح باب البغي والخروج على شاه إيران، وأمر بعض مردته بقتله غيلة ليتم له ما أضمره من الإضلال والعدوان، فلم يتيسر له ما أراد، وقتل في تبريز مع جملة من أتباعه ذوي الفساد، ولم يزل الشاه يتتبع قتل أتباع الباب بعد تعذيبهم بأنواع العذاب، والعجب أنهم يرون العذاب عذبا، فترى أحدهم يضحك والعذاب يصب على رأسه صبا.
[(القرتية)]
وقال عليه الرحمة أيضا: وطائفة أخرى يقال لها القرتية: أصحاب امرأة اسمها هند، وكنيتها أم سلمة، ولقبها قرة العين، لقبها بذلك السيد كاظم الرشتي في مراسلاته لها إذ كانت من أصحابه، وهي ممن قلدت الباب بعد موت الرشتي، ثم خالفته في عدة أشياء منها التكاليف، فقيل أنها كانت تقول بحل الفروج ورفع التكاليف بالكلية، وأنا لم أحس منها بشيء من ذلك مع أنها حبست في بيتي نحو شهرين، وكم بحث جرى بيني وبينها رفعت فيه التقية من البين.
والذي تحقق عندي أن البابية والقرتية طائفة واحدة، يعتقدون في الأئمة نحو اعتقاد الكشفية فيهم، ويزعمون انتهاء زمن التكليف بالصلوات الخمس، وأن الوحي غير منقطع فقد يوحى للكامل لكن لا وحي تشريع، بل وحي تعليم لما شرع قبل ولنحو ذلك، وهو رأي لبعض المتصوفة.
وأخبرني بعض من خالطهم أنهم يوجبون على من نظر أجنبية من غير قصد التصدق بمثقال من الذهب، وعلى من نظرها بقصد التصدق بمثقالين منه، وأن منهم من يحيي الليل بكاءً وتضرعا، وأنهم يخالفون الاثني عشرية في كثير من الفروع، وأنا حققت أن الاثني عشرية يكفرونهم ويبرؤن منهم، ثم إني أرى أنهم شرارة من نيران الكشفية والأحسائية، وأعظم أسباب ضلالتهم النظر في كلام الرشتي وشيخه الأحسائي مع عدم فهم مقاصدهما منه، وحمله على ما هو بعيد عن الدين المحمدي بمراحل، ولذا أكفرهم أصحاب هذين الرجلين أيضا على ما سمعته بأذني من كبارهم.
وقد قتلت هذه المرأة أيضا بعد أن بغت وخرجت على الشاه ناصر الدين في