«ومن أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله، وممن يثب على علي وصي رسول الله وينزع منه أمر الأمة» ويقول لهم «إن عثمان أخذ الخلافة بغير حق، وهنالك علي وصي رسول الله فانهضوا فحركوه وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تستميلوا الناس» ... ..
إن هذا الشيطان هو عبد الله بن سبأ من يهود صنعاء، وكان يسمى ابن السوداء وكان يبث دعوته بخبث وتدرج ودهاء. واستجاب له ناس من مختلف الطبقات، فاتخذ بعضهم دعاة فهموا أغراضه وعولوا على تحقيقها. واستنكر أتباعه بآخرين من البلهاء الصالحين المتشددين في الدين المتنطعين في العبادة ممن يظنون الغلو فضيلة والاعتدال تقصيرا. فلما انتهى ابن سبأ من تربية نفر من الدعاة الذين يحسنون الخداع ويتقنون تزوير الرسائل واختراع الأكاذيب ومخاطبة الناس من ناحية أهوائهم، بث هؤلاء الدعاة في الأمصار - ولا سيما الفسطاط والكوفة والبصرة - وعنى بالتأثير على أبناء الزعماء من قادة القبائل وأعيان المدن الذين اشترك آباؤهم في الجهاد والفتح، فاستجاب له من بلهاء الصالحين وأهل الغلو من المتنطعين جماعات كان على رأسهم في الفسطاط الغافقي بن حرب العكي وعبد الرحمن بن عديس البلوي التجيبي الشاعر وكنانة بن بشر بن عتاب التجيبي وسودان ابن حمران السكوني وعبد الله بن زيد بن ورقاء الخزاعي وعمرو بن الحمق الخزاعي وعروة بن النباع الليثى وقتيرة السكوني. وكان على رأس من استغواهم ابن سبأ في الكوفة عمرو أبن الأصم وزيد بن صوحان العبدي والأشتر مالك بن الحارث النخعي وزياد بن النضر الحارثي وعبد الله بن الأصم. ومن البصرة حرقوص بن زهير السعدي وحكيم بن جبلة العبدي وذريح بن عباد العبدي وبشر بن شريح الحطم بن ضبيعة القيسي وابن المحرش ابن عبد عمرو الحنفي. أما المدينة فلم يندفع في هذا الآمر من أهلها إلا ثلاثة نفر وهم: محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وعمار بن ياسر. ومن دهاء ابن سبأ ومكره أنه كان يبث في جماعة الفسطاط الدعوة لعلي (وعلي لا يعلم ذلك)، وفي جماعة الكوفة الدعوة لطلحة، وفي جماعة البصرة الدعوة للزبير. وليس هنا موضع