للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البيعة له) فإن شيء تم قعدت لكم، وإلا فلا أجد على أحد» وبذلك أعلن أنه لا يستمد الخلافة من شيء سبق، بل يستمدها من البيعة إذا ارتضتها الأمة.

ومن مزايا الطبقة الاولى التي صحبت النبي - صلى الله عليه وسلم - وتأدبت بأدبه وتشبعت بسنته أنها كانت ترى (الاعتدال) ميزان الدين، (والرفق) جمال الإسلام، لأن نبيها - صلى الله عليه وسلم - كان يقول لها: «إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه» وكان يقول لها: «من يحرم الرفق يحرم الخير كله» ويقول: «إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق» ويقول: «إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو فيه». فلما نشأت الطبقة الثانية في حياة الطبقة الأولى أدب الأباء بينهم بهذا الأدب. ولكن أكثر ما كانت هذه الطريقة ناجحة في الحجاز ونجد والشام. وكان في ناشيء ة الكوفة والبصرة والفسطاط من أخذ بهذه الطريقة، كما أن فيهم من شب على العفو في الدين. ومن أكبر المصائب في الإسلام في ذلك الحين تسلط إبليس من أبالسة اليهود على الطبقة الثانية من المسلمين فتظاهر لها بالإسلام وادعى الغيرة على الدين والمحبة لأهله، وبدأ برمي شبكته في الحجاز والشام فلم تعلق بشيء بسبب تشيعهم بفطرة الإسلام في أعتداله ورفقه، وحذرهم من طرفي الإفراط والتفريط. فذهب الملعون يتنقل بين الكوفة والبصرة والفسطاط ويقول لحديثي السن وقليلى التجربة من شبابها: عجبا لمن يزعم أن عيسى يرجع ويكذب بأن محمدا يرجع. وقد قال عز وجل {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} فمحمد أحق بالرجوع من عيسى. وكان يقول لهؤلاء الشبان «كان فيما مضى ألف نبي، ولكل نبي وصي، وإن عليا وصي محمد» ويقول لهم: «محمد خاتم الأنيباء، وعلى خاتم الأوصياء» (١) ثم يقول لهم محرضا على عثمان، وكان ذلك في أواخر خلافة عثمان سنة ٣٠:


(١) ورواية هذه الحقائق عن الملعون ابن سبأ اتفق عليها أهل السنة والشيعة، وقد نقلنا مثل هذا في هامش ص ٢٩٩ عن تنقيح المقال للمامقاني كما نقلها المامقاني عن الكشي من كبار أئمتهم. وقد اعترفوا بذلك أن وصف علي بانه «وصي» من اختراع ابن سبا ولا علم للنبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الوصف لعلى لأنه اختراع في خلافة عثمان.