والآخرين - أن يسخط قدر الله، أو يتمرد على قضائه، أو يرضى غير الذي ارتضاه إخوانه من الصحابة، أو يداجي معهم على ما فيه صلاح المسلمين. ومن الافتئات عليه والانتقاص من قدره والتشويه لجمال الإسلام وتاريخه الشك في إخلاص علي أو في اغتباطه بما بايع عليه خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر الصديق وصاحبيه بعده عمر وعثمان رضوان الله عليهم أجمعين.
ومن المزايا التي تنفرد بها على وطبقته ممن ولي الخلافة أو دخل في بيعتها في الصدر الأول أنهم كانوا يرون ولاية هذا الأمر (واجبا) يقوم به الواحد إذا وجب عليه كما يقوم بسائر واجباته، ولا يرونها (حقا) لأحدهم يعادي عليه المسلمين، ويعرض دماءهم للخطر والشر، ليستأثر بها على غيره.
وجميع الوقائع - إذا جردت من زيادات أهل الأهواء - تدل على هذه المكانة السامية لعلي وإخوانه، فلما شوهت الوقائع وأخبارها بما دسه فيها المتزايدون من أكاذيب لا مصلحة فيها لعلي وآله وبنيه صورة قبيحة لا تنطبق على الحقيقة والواقع وظن المخدوعون بها أن تلك الطبقة - الممتازة على جميع أمم الأرض بعفتها وطهارة نفوسها وترفعها عن الصغائر - إنما كانت على عكس ذلك: تنازع كالأطفال والرعاع على توافه الدنيا وسفاف العاجلة. فالخلافة كانت في نظر الراشدين (عبئا) يتولى الواحد منهم حمله بتكليف من المسلمين أداء الواجب، ولم تكن عند أحد منهم (متاعا) ولا (مأكله) حتى ينازع غيره عليها. ولما تآمرت المجوسية واليهودية على سفك دم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، أبقى الله من حياته بقية يدبر فيها للمسلمين أمرهم بعده، جعل الأمر شورى، واقترح عليه بعض لصحابة أن يريح المسلمين من ذلك فيعهد إلى ابنه عبد الله بن عمر - ولم يكن عبد الله بن عمر دون أبيه في علم أو حزم أو بعد نظر أو إخلاص لله ورسوله والمؤمنين - رفض عمر ذلك وقال:«بحسب آل الخطاب أن يليها واحد منهم، فإن كان خيرا قد أصبنا منه وإن كان زرءا فقد قمنا بنصيبنا فيه». وعبد الله بن عمر نفسه عرضت