من نفس الْكَلِمَة، وَالَّتِي فِي مَاء منقلبة عَن الْهَاء يدلُّ على ذَلِك قَوْلهم فِي جمعه أمواه أنْشد سِيبَوَيْهٍ: سَقَى اللهُ أمْواهاً عَرَفْتُ مَكانَها جُراباً ومَلْكُوماً وبَذَّرَ والغَمْرا وَقد جَاءَ فِي الشّعْر أمواء أنْشد أَحْمد بن يحيى: وبَلْدَةٍ قالِصَةٍ أمواؤُها ماصِحَةٍ رَأْدَ الضُّحى أَفْياؤُها وَالْقِيَاس وَالْأَكْثَر اسْتِعْمَالا فِي الْجمع رَدُّ الْهَاء وتصحيحها، كَمَا أَن الِاسْتِعْمَال فِي الْوَاحِد الْقلب وَعَلِيهِ التَّنْزِيل وَالَّذِي قَالَ أمواء شبَّهه بِالْبَدَلِ اللَّازِم نَحْو عِيدٍ وأعيادٍ وَقد أنْشد أَحْمد بن يحيى: إنَّك يَا جَهْضَمُ ماهُ القلْبِ ضَخْمٌ عَريضٌ مُجْرَئِشُّ الجَنْب فَهَذَا يَنْبَغِي أَن يكون بنى مِنْهُ فَعِلاً كَقَوْلِهِم رجلٌ خافٌ ويومٌ راحٌ كَأَنَّهُ يصفه بِخِلَاف التَّوَقُّد والذَّكاء أَو يكون أَرَادَ المَاء الَّذِي هُوَ اسْم فَاسْتعْمل الأَصْل الَّذِي هُوَ الْهَاء وأجراه عَلَيْهِ كَمَا تُجْرَى الصّفة وَإِن كَانَ اسْما كَمَا أنْشد أَبُو عُثْمَان: مِئْبَرَة العُرْقُوبِ إِشْفَى المِرْفَق وكما قَالَ الآخر: فلولا اللهُ والمُهْرُ المُفَدَّى لأُبْتَ وأنتَ غِرْبالُ الإهابِ وَقَالَ أَبُو زيد: ماهَتِ الرَّكِيَّةُ تَموهُ مَوْهاً، وَقَالَ فِي كِتَابه فِي المصادر تَمُوهُ وتَماهُ، وَحكى أَبُو عُبَيْدَة أَيْضا تَميه. وَقَالَ أَبُو زيد: أَماهَها صاحبُها إماهَةً، وَقد جَاءَ هَذَا الْحَرْف مقلوباً فِي مَوَاضِع قَالَ: ثمَّ أَمْهاهُ على حَجَرِهْ أَي أماهَهُ وَقَالَ عمرَان بن حِطَّان: وليسَ لِعَيْشِنا هَذَا مَهاهٌ وَلَيْسَت دارُنا الدُّنيا بِدارِ ويروى مَهاة فَمن أنْشد مَهاة بِالتَّاءِ فَهُوَ من هَذَا وَقَوْلهمْ للمرآة ماوِيَّة من هَذَا إِلَّا أَن الْهمزَة أُلزِمَت الْبَدَل كَمَا أُلزِمَت فِي النَّسب إِلَى شَاءَ حَيْثُ قَالُوا شاويٌّ وَمن ذَلِك قَوْلهم مَهاً ومُهاً. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: هُوَ: مَاء الْفَحْل فِي رَحِمِ النَّاقة. وَأما آءٌ فالهمزة فِيهَا لَام وَكَذَلِكَ راءٌ للشجر وَكَذَلِكَ داءٌ وَالدَّلِيل على أَن الْهمزَة مِنْهَا لَام أَن أَبَا زيد حكى أَدْوَأْت وأَدَأْت: أَي صَار فِي قَلْبك الدَّاء ويؤكد ذَلِك أَن أَبَا زيد أنْشد: خالَتْ خُوَيْلَةُ أَنِّي هالِكٌ وَدَاءا فَقلب الْعين إِلَى مَوضِع اللَّام وَهَذَا على انه وصف بالداء كَمَا يُوصف بالمصادر، وَحكى أَحْمد بن يحيى عَن ابْن سَلام أَن كحَّالاً كَحَلَ أعرابيّاً فَقَالَ كَحَلَني بالمِكْحال الَّذِي تُكحَل بِهِ العيونُ الدَّاءة وَهَذَا يُحْمَل على أَن داءةً فَعِلَةً لأَنهم قَالُوا دَاءَ يَداءُ دَاء فدَاءٌ مثلُ خافٍ وصافٍ يَعْنِي كَبْشًا صافاً أَي كثير الصُّوف، وَإِن شِئْت قلت وصفَه بِالْمَصْدَرِ، كَمَا قَالَ: هالِكٌ ودَءَا. إِلَّا أَنه أَلْحَقَ التَّاء كَمَا قَالُوا عَمْلَة وزَوْرَ حَكَاهُ أَبُو الْحسن. وَأما الْبَاءَة فَاللَّام مِنْهَا أَيْضا همزَة من قَوْله: (تَبَوَّؤا الدَّارَ وَالْإِيمَان) لِأَنَّهُ ضَربٌ من المُلازَمة وَقد قَالُوا باءٌ على لفظ شَاءَ. فَأَما الْهمزَة إِذا كَانَت آخر الْكَلِمَة وَقبلهَا ألف زَائِدَة غير منقلبة عَن شَيْء فَإِنَّهَا على أَرْبَعَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute